ومنها ـ إذا شك في خروج أحد طرفي العلم الإجمالي عن محل الابتلاء وعدمه فبناء على التفسير الّذي اخترناه لعدم منجزية العلم الإجمالي في موارد خروج بعض أطرافه عن محل الابتلاء من عدم جريان الأصل المؤمن في الطرف الخارج بالارتكاز العقلائي فمع الشك في خروجه يكون من موارد الشك في الارتكاز وبالتالي الشك في وجود المعارض للأصل في الطرف الداخل في محل الابتلاء.
وحينئذ تارة يكون الشك في الخروج عن محل الابتلاء بنحو الشبهة المفهومية كما إذا شك في ان هذا المقدار من البعد بين المكلف وبين مورد التكليف كاف في صيرورته عرفا بحكم العاجز أو الأجنبي عن الفعل حسب تعبير المحقق العراقي ( قده ) أم لا ، وأخرى يكون الشك بنحو الشبهة المصداقية كما إذا شك في ان الإناء الآخر في بلد بعيد خارج عن ابتلاء المكلف أو في بلد قريب.
والشبهة المفهومية على أقسام ، لأنه تارة يكون بمعنى شك العرف نفسه بما هو عرف في الارتكاز أعني ارتكاز عدم جريان الأصل لهذه المرتبة من الخروج عن محل الابتلاء فانه يعقل ذلك بالنسبة للعرف أيضا لكون هذه الأمور تشكيكية ، وأخرى يكون بمعنى شك العرف في نكتة الارتكاز ونقصد به ان العرف بما هو عرف لا يشك في وقوع التزاحم الحفظي بين الغرض اللزومي حتى إذا كان في الطرف المشكوك وبين الغرض الترخيصي ولكن يحتمل ان المولى لا يهتم بهذا المقدار من التزاحم لضآلته فيحتمل ان نكتة الارتكاز عند المولى تختلف عن العرف ، وثالثة يكون بمعنى ان شخصا يحتمل ثبوت الارتكاز وعدمه لدى العرف وانما لا يكون ذلك واضحا لديه لاحتمال انه شذ عنهم لجهة من الجهات.
ففي القسم الأول لا يجري الأصل في الطرف المشكوك لأن احتمال الارتكاز لدى العرف كاف في الإجمال وعدم إمكان التمسك بالدليل في الطرف المشكوك فيجري الأصل في الطرف الداخل في محل الابتلاء بلا معارض (١)
__________________
(١) الظاهر ان إجمال الارتكاز لدى العرف وعدم وضوح التزاحم بين الغرض اللزومي والغرض الترخيصي في الطرف المشكوك يستوجب الإجمال في ارتكاز المناقضة المانع عن انعقاد إطلاق دليل الأصل في الطرف الداخل في محل الابتلاء أيضا لأن الارتكازين متصلين بدليل الحجية فمع إجمال أحدهما يسري الإجمال إلى الآخر لا محالة ولا وجه للطولية بينهما نعم يتم هذا الكلام فيما إذا كان الأصل في الطرف الداخل من غير سنخ الأصل في الطرف المشكوك خروجه لأن إطلاق دليل الأصل في الأول.