نعم لو اخترنا مسلك العلية في منجزية العلم الإجمالي لم يفد ما ذكرناه في المنع عن المنجزية لما عرفت من ان قيد الدخول في محل الابتلاء ليس شرطا في التكليف فضلا عن مباديه فكيف يعقل ان يكون شرطا في التنجيز.

وهكذا يتضح : اننا نوافق المشهور في المقام حيث ذهبوا إلى عدم منجزية العلم الإجمالي إذا كان بعض أطرافه خارجا عن محل الابتلاء ولكن لا على أساس ما استندوا إليه من انثلام الركن الأول واشتراط فعلية التكليف بذلك بل على أساس عدم المعارضة بين الأصول الترخيصية في الأطراف.

وينبغي الإشارة إلى أمور :

منها ـ ان المحقق العراقي ( قده ) بعد ان استند في عدم منجزية العلم الإجمالي في المقام إلى شرطية الدخول في محل الابتلاء وعدم كونه أجنبيا عن المكلف بحيث يعد عرفا عاجزا عنه في صحة التكليف ذكر ان ذلك شرط في الوجوب أيضا فكما لا يصح نهي المحكوم عن ارتكاب مظالم الحاكم كذلك لا يمكن امره بما هو من شئونه فلو علم إجمالا بوجوب ذلك أو وجوب فعل آخر داخل في محل ابتلائه لم يكن منجزا عليه.

وفيه : مضافا إلى ما عرفت من ان الدخول في محل الابتلاء ليس شرطا في التحريم والنهي ، ان أمر المولى الحقيقي غير مقيد عقلا وعرفا الا بالقدرة على امتثاله تكوينا اما مجرد صعوبة المقدمات أو كثرتها فلا تمنع من صحته فضلا عن تنجيزه لأن مولوية مولانا ذاتية ومطلقة وليست كالمولويات العرفية التي ربما يدعي ضعفها وعدم ثبوتها في موارد الأفعال الشاقة.

فلو أريد دعوى عدم الأمر من قبل الشارع بالفعل الشاق الخارج عن محل الابتلاء لعدم تعلق غرض له بذلك فهو بلا موجب لوضوح ان الشارع قد يتعلق غرضه بذلك كما امر نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنشر الدين وفتح العالم ومقارعة المستكبرين وإذلال القياصرة والأكاسرة مع ان مثل هذا العمل كان بحسب النّظر البدائي غير مقدور له وان التكليف به لغو.

ولو أريد دعوى انه لا يتنجز على المكلف فقد عرفت ان التنجيز مرتبط بدائرة المولوية وحق الطاعة وهي مطلقة في حق مولانا سبحانه فقياس الوجوب في المقام بالتحريم في غير محله.

۵۲۴۱