فالجواب : أولا ـ ان هذا لو تم فقد يتم في الخطابات الجزئية والتي فيها مئونة زائدة ولا يتم فيما إذا كان استفادة التحريم بالطلاق خطابه لحالة الخروج عن محل الابتلاء إذ ليس فيه مئونة زائدة.
وثانيا ـ يكفي فائدة للنهي والزجر تمكين المكلف من التعبد بتركه والإتيان به على وجه قربي حسن ، وقد نثبت في الفقه انه يكفي في العبادية وجود داع النهي وان انضم إليه داع آخر غير محرم.
وان ادعي استحالة الخطاب والتحريك المولوي لأنه تحصيل للحاصل فالجواب ـ مضافا إلى ما تقدم من فائدة تمكين المكلف من التعبد بتركه ان تحصيل الحاصل عبارة عن تحصيل امر في طول حصوله وهو المحال ، وما نحن فيه ليس كذلك وانما هو تحصيل في عرض تحصيل آخر فيصبح كل منهما بالفعل جزء للعلة فالمكلف يوجد له زاجران عن الفعل أحدهما الطبع والخروج عن محل الابتلاء والآخر النهي المولوي.
على ان إشكال تحصيل الحاصل في خطاب المولى لو أريد به اللغوية وعدم الفائدة في الزجر التشريعي رجع إلى الدعوى السابقة ، وان أريد به تحصيل الحاصل بمعناه الفلسفي المحال فمن الواضح ان التحصيل التشريعي هو المجعول بالخطاب والحاصل انما هو الحصول التكويني وأحدهما غير الآخر.
وهكذا يتضح : ان الخروج عن محل الابتلاء لا يكون شرطا في الخطاب والتكليف فضلا عن الملاك ومبادئ التكليف فالركن الأول من أركان منجزية العلم الإجمالي متوفر فيه الا ان الركن الثالث غير متوفر لأن وصف الدخول في محل الابتلاء شرط في جريان الترخيص الظاهري ، وبذلك يفسر عدم منجزية العلم الإجمالي في موارد خروج بعض أطرافه عن محل الابتلاء لأن الأصل الترخيصي تعيين للموقف العملي تجاه التزاحم بين الأغراض اللزومية والترخيصية والعقلاء لا يرون تزاحما من هذا القبيل بالنسبة إلى الطرف الخارج عن محل الابتلاء بل يرون الغرض اللزومي المحتمل مضمونا بحكم الخروج عن محل الابتلاء بدون تفريط بالغرض الترخيصي وهذا يعني ان الأصل الترخيصي في الطرف الداخل في محل الابتلاء يجري بلا معارض فأدلة الأصول العملية لا تجري عن التكليف المحتمل في الطرف الخارج عن محل الابتلاء.