الأول خارجا عن محل ابتلاء المكلف ومنقضيا.
والحاصل لا يلزم من إجراء الأصل اجتماع الترخيصين المؤديين إلى المخالفة القطعية في زمان واحد بل في كل زمان يجري الترخيص في أحد الطرفين وليس ذلك ترخيصا في المخالفة القطعية.
فانه يقال ـ بل يشمل إطلاق دليل الأصل للطرف الاستقبالي أيضا ولكنه لا يثبت فيه ترخيصا حاليا بل استقباليا أيضا بالنحو المناسب معه ، والمحذور كما قلنا لم يكن مخصوصا بالترخيصين الدفعيين بل يعم الترخيص الفعلي والترخيص الاستقبالي بلحاظ عمود الزمان المؤديين إلى المخالفة القطعية.
واما على مسلك العلية ، فلأن المقصود من كون العلم الإجمالي صالحا لمنجزية معلومه على كل تقدير كونه صالحا لذلك ولو على امتداد الزمان لا في خصوص هذا الآن. وان شئت قلت : انه من ناحية الوصول يكون صالحا للتنجيز وتسجيله في العهدة على كل تقدير سواء كانت فعليته الآن أو في المستقبل وهذا متوفر في المقام.
وهكذا يتضح ان الصحيح منجزية العلم الإجمالي بالتدريجيات ، وان الشبهات التي حامت حول تنجيزه موهونة جميعا.
الا ان المحقق العراقي ( قده ) حاول الإجابة عليها بتصوير علم إجمالي آخر غير تدريجي الأطراف وتوضيحه : ان التكليف إذا كان في القطعة الزمنية المتأخرة فوجوب حفظ القدرة إلى حين مجيء ظرفه فعلى لما يعرف من مسألة وجوب حفظ المقدمات المفوتة وعدم جواز تضييع الإنسان لقدرته على الواجب قبل مجيء ظرفه ، فيعلم إجمالا بالجامع بين تكليف نفسي الآن ، أو وجوب حفظ القدرة للتكليف الاستقبالي وهو علم إجمالي بما يكون كلا تقديريه فعليا.
وهذا الجواب غير تام إذ يرد عليه :
أولا ـ ان وجوب حفظ القدرة انما هو حكم عقلي كما تقدم في محله ، وحكم العقل بوجوب حفظ القدرة لامتثال تكليف فرع تنجز ذلك التكليف فلا بد في المرتبة السابقة على وجوب حفظ القدرة من وجود منجز للتكليف الآخر ولا منجز له كذلك الا العلم الإجمالي في التدريجيات فان كان ذلك منجزا له كفانا في تنجيز الطرف الحالي والا لم يكن حفظ القدرة واجبا.