وعليه فلو لاحظنا نفس الجامع بقطع النّظر عن المفروغية عن وجوده فهذا الجامع غير آب عن الانطباق على المعلوم التفصيليّ على حد انطباق كل جامع على مصداقه ، واما إذا لاحظنا هذا الجامع بما هو مفروغ عن وجود فذلك الوجود المفروغ عنه والمشار إليه بتوسط هذا الجامع خصوصية وحد لا يجزم بانطباقه على المعلوم التفصيليّ إذ لا يعلم انه هو المعلوم التفصيليّ أو غيره فهي خصوصية محتملة الآباء عن الانطباق على المعلوم التفصيليّ.
والجواب ـ ان خصوصية الوجود المفروغ عنه لا يكون داخلا تحت العلم الا بمقدار معرفية الجامع لا أكثر فإذا كان الجامع منطبقا على الفرد المعلوم تفصيلا تماما انحل العلم الإجمالي بالبرهان المتقدم لعدم وجود خصوصية في معلومه محتملة الآباء عن الانطباق عليه (١).
__________________
(١) الظاهر ابتناء المسألة على تحقيق ان الفرق بين العلم الإجمالي والعلم التفصيليّ هل يكون بالإجمال والتفصيل في الصورة العلمية كما تقوله مدرسة المحقق النائيني ( قده ) ، أو بالإجمال والتفصيل في الإشارة التي بها قوام العلم التصديقي كما يقوله المحقق العراقي ( قده ) ، وقد تقدم شرح كل من المسكين مفصلا في بحوث القطع.
فعلى الأول صح ان يقال بان العلم بالجامع إذا لم تكن له خصوصية محتملة الآباء عن الانطباق بعد ان ينضم إليه العلم بالخصوصية يصبح المعلوم والمنكشف تفصيليا فينحل العلم الإجمالي لتبدل الإجمال في الصورة الذهنية إلى التفصيل لا محالة ، وهذا هو البرهان المتقدم في الوجه الثاني من تقريبات الانحلال.
واما بناء على التفسير الثاني العلم الّذي نبه عليه المحقق العراقي وقد أوضحنا المعنى الصحيح له فيما سبق فانحلال العلم الإجمالي لا يكون الا بزوال الإشارة الذهنية المرددة التي هي حقيقة العلم الإجمالي بحسب الفرض ، وزوال الإشارة لا يكون بمجرد حصول العلم التفصيليّ الّذي يعني إمكان الإشارة بالمفهوم التفصيليّ إلى الفرد الخارجي طالما يحتمل ان يكون المشار إليه متعددا إذ لا يكون العلم التفصيليّ ناظرا إلى تعيين المعلوم الإجمالي.
لا يقال ـ مع حصول الإشارة التفصيلية المعينة يزول التردد في الإشارة الذهنية أيضا الا إذا كان المشار إليه قد أخذت فيه خصوصية محتملة الآباء عن الانطباق ، واما إذا كان المعلوم الإجمالي منطبقا تماما على المعلوم التفصيليّ فمع الإشارة به إلى الخارج تستوعب الإشارة الإجمالية بحيث لا تبقى إشارة أخرى الا الإشارة الضمنية بالجامع المتوفرة في سائر موارد العلم التفصيليّ أيضا.
فانه يقال ـ أولا ـ يشهد الوجدان بالفرق بين العلم التفصيليّ بالفرد من أول الأمر مع الشك البدوي في وجود فرد آخر للجامع وبين العلم إجمالا بأحدهما والعلم تفصيلا بالفرد بلا تعيين المعلوم الإجمالي من حيث ان من له العلم الإجمالي يحتمل ان يكون معلومه الإجمالي ضمن الفرد الآخر وهذا يلازم بقاء العلم وعدم انحلاله وليس هذا من باب احتمال ان يكون معلومه السابق ـ الّذي قد انحل بالفعل ـ في ذاك الطرف لوجدانية ان ذلك المعلوم لم يظهر خطأه والمفروض انه لم يتعين في هذا الطرف فمجموع هذين الأمرين خير منبه وجداني إلى ان العلم الإجمالي والإشارة الإجمالية لا يزال موجودا في عالم النّفس.
وثانيا ـ لا ينبغي الإشكال في عدم الانحلال فيما إذا كان للمعلوم الإجمالي خصوصية ولو من ناحية سبب حصول العلم كما إذا أخبرك المعصوم بموت أحدهما ( زيد أو عمرو ) وعلمت خارجا بموت زيد فان العلم الإجمالي بموت من أخبرك المعصوم باق على حاله مع انه لا يمكن ان تكون هذه الخصوصية المنتزعة من سبب حصول العلم مأخوذة في المعلوم الإجمالي ـ كما تقدم ذلك في أخذ