الأقل والأكثر فلا يجوز التمسك به فيجب الاحتياط ، وان كان العرف شاكا في ذلك كان معناه عدم ارتكاز المناقضة عندهم في هذه المرتبة من الكثرة فالإطلاق منعقد لأن المانع عنه ارتكاز المناقضة والقطع بها عند العرف فمع افتراض شكهم لا ارتكاز جزما (١).
وان كان المدرك ما إفادة الميرزا ( قده ) من عدم القدرة على المخالفة القطعية فقد ذكر المحقق العراقي ( قده ) انه على هذا المبنى يدخل المقام في موارد الشك في القدرة ويجب فيه الاحتياط.
وفيه : انه خلط بين الشك في القدرة على امتثال التكليف واقعا والشك في القدرة على المخالفة والعصيان القطعي المانع عن جريان الأصول الترخيصية ، وما هو موضوع لحكم العقل بالاحتياط انما هو الأول وهو غير موجود في المقام وانما المشكوك القدرة على المخالفة القطعية (٢).
والتحقيق ان يقال : بان الشك في ذلك يستلزم الشك في المعارضة بين الأصول الترخيصية في الأطراف من جهة أدائها إلى الترخيص في المخالفة القطعية وعدمه ، ومع الشك في المعارضة قد يقال بان إطلاق دليل الأصل الترخيصي في كل طرف حجة ما لم يقطع بالمعارضة سواء افترضنا محذور قبح الترخيص في المخالفة بمثابة المقيد المتصل بالخطاب الموجب للإجمال أم المنفصل لأن احتمال المعارض ليس كاحتمال المقيد مانعا عن انعقاد الإطلاق إذ الإطلاق يتوقف على عدم وجود ما يصلح للقرينية والبيانية لا الأعم منه ومن المعارض.
ولكن الصحيح : ان المقام من موارد الشبهة المصداقية للمقيد لأن دليل الأصل الترخيصي مقيد لبا ـ بالمتصل أو المنفصل ـ بعدم استلزم المخالفة القطعية لقبحها عقلا أو عقلائيا وهذا هو المراد بالمعارضة بين الأصول في الأطراف لا التكاذب والتعارض ليقال بان الدليل حجة حتى يعلم بمعارضة والشك في المقام في تحقق مصداق المقيد
__________________
(١) يمكن افتراض شك العرف في الارتكاز إذا كان من الأمور التشكيكية على ما سوف يأتي في بحث الشك في الخروج عن محل الابتلاء فيكون احتماله موجبا للإجمال لا محالة لأنه مقيد متصل كما أنه لا بد من فرض إمكان الشبهة الموضوعية لهذا المقيد الارتكازي المتصل ، نعم لو فرض أخذ القطع بالمناقضة في موضوع الارتكاز صغرى وكبرى تم ما ذكر ولا يبعد ذلك على ما سوف يأتي في بحث الخروج عن محل الابتلاء.
(٢) مضافا إلى أن جريان البراءة في كل طرف ليس من أجل التأمين عن التكليف فيه من ناحية احتمال عدم القدرة ليقال بعدم جريان الأصل فيه بل من ناحية الشك في أصل التكليف فيه.