بحسب الحقيقة فلا يجوز التمسك بعموم الدليل فيه الا بناء على جوازه في المخصص اللبي مطلقا أو إذا كان منفصلا.
نعم يمكن للمحقق النائيني ( قده ) ان يقول بان المقيد اللبي لا يخرج من دليل الأصل الا فرض القطع بلزوم المخالفة القطعية ، وذلك بأحد تقريبين :
الأول ـ ما قد يستفاد من ظاهر قوله بان المخالفة القطعية غير مقدورة فهي غير قبيحة انه مع الشك في القدرة ليست المخالفة القطعية حتى إذا صدرت واقعا قبيحة لأن الحسن والقبح العقليين مختصان بفرض الوصول والعلم فمع الشك لا قبح جزما.
الثاني ـ ان المحذور انما هو لزوم الترخيص في المخالفة القطعية ، وهذا المحذور لا يتحقق مع الشك في القدرة على المخالفة لأن المكلف لا يرتكبها دفعة بل بارتكاب الأطراف تدريجا وهو بذلك سوف يقطع اما بعدم قدرته على المخالفة فلا محذور أو بقدرته عليها فتسقط الأصول حينذاك في تمام الأطراف ، والحاصل لا يلزم من جريان الأصول الترخيصية في الأطراف مقيدا بفرض الشك وعدم العلم بإمكان المخالفة القطعية الترخيص في المخالفة القطعية إذ لا تتحقق المخالفة القطعية الا بعد زوال الشك في إمكانها ولا يعارض إجراء الأصل في كل طرف بقيد الشك في المخالفة مع الأصل في الطرف الآخر عند عدم الشك والقطع بإمكانها لأن الأصول في فرض القطع بإمكان المخالفة في نفسها متعارضة وساقطة (١).
__________________
(١) لا يقال ـ ان الأصل في كل طرف في فرض القطع بإمكان المخالفة معارض مع الأصل في الطرف الآخر في فرض القطع والشك معا فحال هذا حال دليل يعارض دليلين فيسقط الجميع.
فانه يقال : ان في كل طرف يوجد أصلان أي إطلاقان لدليل الأصل بحسب الحقيقة إطلاقه له بلحاظ حال القطع بإمكان المخالفة وإطلاقه له بلحاظ حال الشك ، والأصول في الأطراف بقيد الشك يمكن اجتماعها معا من دون محذور بخلاف الأصول فيها بقيد القطع بإمكان المخالفة وهذا يعني ان الأصل في كل طرف في فرض القطع وإن كان يعارض أصلين في الطرف الآخر أحدهما الأصل في فرض القطع والآخر الأصل في فرض الشك الا انه لا يمكن ترجيحه عليهما لمحذور يخص مجموعة الأصول في الأطراف في فرض القطع بإمكان المخالفة إذ ترجيح أي منها على معارضيه في الطرف الآخر ليس بأولى من ترجيحه في الطرف الآخر على معارضيه في هذا الطرف حيث لا يمكن الحفاظ عليهما في الطرفين بخلاف الأصل في فرض الشك فانه يمكن الحفاظ عليه في الطرفين ، وهذا يعني وجود محذور يخص الأصول في فرض القطع فلا يمكن ان تعارض مع الأصل في فرض الشك ثم انه يمكن المناقشة في هذا الوجه بأن حصول العلم بإمكان المخالفة القطعية انما يكون بعد ارتكاب بعض أطراف الشبهة وارتفاع موضوع التكليف المعلوم بالإجماع على تقدير ثبوتها ، فيها ، فأن أريد بسقوط الأصول المؤمنة في الباقي على تقدير حصول العلم بإمكان المخالفة القطعية سقوطها بالعلم الإجمالي بثبوت التكليف في الباقي فلا علم كذلك وان أريد سقوطها بالعلم الإجمالي الأول. فالمفروض خروج بعض أطرافه ولا يقاس المقام بموارد خروج بعض الأطراف بعد حصول العلم والتي يبقى فيها تنجيز