الا ان الصحيح ان قاعدة الطهارة في أحد الطرفين لا تعارض استصحاب الطهارة في الطرف الآخر لأن جريانها في طول جريانه إذ حجية القاعدة لذلك الطرف فرع عدم شمول القاعدة لهذا الطرف وهو فرع عدم جريان الاستصحاب فلا يمكن ان يكون معارضا معه.

وبعبارة أخرى ـ التعارض فرع تمامية مقتضى الحجية وهو الظهور لكل منهما بقطع النّظر عن الآخر ليكون جريان كل منهما دون الآخر ترجيحا بلا مرجح فيتعارضان في الحجية ، وفي المقام يكون مقتضي الاستصحاب تاما بقطع النّظر عن القاعدة في الطرف الآخر بينما مقتضي القاعدة في ذلك الطرف غير تام مع قطع النّظر عن الاستصحاب لعدم الظهور بقطع النّظر عنه من جهة الابتلاء بالإجمال الداخليّ حينئذ (١).

__________________

(١) يمكن ان يقال : ان دليل الأصل ـ كدليل القاعدة ـ مقيد بحسب الفرض بقيدين أحدهما ان لا يكون في مورده الاستصحاب والآخر ان لا يلزم منه الترخيص في المخالفة أو بتعبير آخر ان لا يكون طرفا لعلم إجمالي لا يوجد منشأ لاختصاص الترخيص به دون الطرف الآخر واحد القيدين يعلم بانثلامه في الطرف الّذي فيه الاستصحاب فلا موضوع لدليل القاعدة فيه جزما ، واما الطرف الآخر فموضوع القاعدة ومقتضيها يتم فيه حينئذ إذ لا استصحاب فيه بحسب الفرض وليس طرفا لعلم إجمالي لا يوجد منشأ لاختصاص الترخيص به دون الطرف الآخر لأن نفس اليقين المتقدم منشأ لاختصاص الترخيص به دون الطرف الآخر فيكون القيد محرزا تماما كما كنا نقول فيما إذا كان في أحد الطرفين أصل إلزاميّ حاكم على القاعدة.

فان كان الإشكال من ناحية انه لا مقتضي لدليل القاعدة في الطرف الآخر فقد عرفت ان مقتضية تام وان كان من ناحية ان القاعدة في الطرف الآخر معارض بمثلها في هذا الطرف لو لا الاستصحاب فهي لا تجري حتى بقطع النّظر عن الاستصحاب.

فالجواب : ان هذا غايته دخول القاعدة في الطرف الآخر في معارضتين إحداهما مع القاعدة في هذا الطرف والأخرى مع الاستصحاب ، وهذا نظير تعارض أصل مع أصلين في طرف واحد أو في طرفين بعلمين إجماليين عرضيين فيسقط الجميع ، بل الأمر هنا أوضح لأن المعارضة مع الأصل الآخر تقديرية لا فعلية لأن جريان القاعدة في هذا الطرف فرع عدم جريان الاستصحاب فيه ففي ظرف فعلية الاستصحاب ليس في البين الا معارضة واحدة.

وان كان الإشكال من ناحية ان جريان القاعدة في الطرف الآخر فرع جريان الاستصحاب فتكون حجيتها في طول حجيته ومعه لا يعقل المعارضة بينهما لأن ملاك التعارض والتساقط استحالة الترجيح بلا مرجح وهو لا يتم إذا كان أحدهما مشروطا بالآخر إذ تتعين القاعدة للسقوط على كل حال لاستحالة جعلها لا مع الاستصحاب لمحذور الترخيص في المخالفة ولا بدونه لعدم الموضوع لها حينئذ ، وهذا هو الفرق بين المقام وبين ما إذا كان في أحد الطرفين أصل إلزاميّ حاكم إذ يمكن جعل القاعدة في الطرف الآخر مع الأصل الإلزامي في هذا الطرف.

فالجواب : ان هذا انما يتم إذا كانت حجية القاعدة مشروطة بحجية الاستصحاب وليس كذلك في المقام ، لأن حجية ظهور دليل القاعدة في الطرف الآخر ليست مشروطة بحجية الاستصحاب وجريانه في هذا الطرف ليستحيل جعلها على كل تقدير ، واما وجود مقتضيها وهو الظهور فهو حاصل وجدانا بحصول قيده وجدانا على أساس العلم التفصيليّ بانثلام أحد قيدي دليل القاعدة في الطرف الآخر والعلم التفصيليّ ليس متوقفا على حجية الاستصحاب واقعا ولا موجب للتقييد بأكثر من هذا

۵۲۴۱