الكلمة الثانية ـ حول الاستثناء الأول وان الأصلين الترخيصيين في الطرفين إذا كانا من سنخ واحد جرى الأصل الترخيصي الطولي في أحد الطرفين بلا معارض ، فان هذا الاستثناء لم يبين بدقة فذلكته الفنية وهي ما أشرنا إليه في بعض ما تقدم من ان الأصلين الترخيصيين إذا كانا من سنخ واحد حصل الإجمال الداخليّ في دليله بخلاف دليل الأصل الترخيصي غير المسانخ في أحد الطرفين فيكون حجة بلا معارض. وهذه النكتة الفنية لا يفرق فيها بين طولية الأصلين الترخيصيين في الطرف الواحد أو عرضيتهما وانما ترتبط فقط بالسنخية وكون الترخيص في الطرفين بدليل واحد غير دليل الأصل الترخيصي الثالث سواء كان في طولهما أم لا.

وعلى هذا الأساس نحكم بجريان استصحاب الطهارة مثلا فيما إذا وقع أحد طرفي العلم الإجمالي طرفا لعلم إجمالي آخر كما إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين لا يعلم حالتهما السابقة وعلم أيضا بنجاسة أحدهما المعين أو الثوب المستصحب طهارته فانه يجري فيه استصحاب الطهارة بلا محذور بعد إجمال دليل الطهارة في الطرف المشترك رغم ان الأصول الترخيصية الثلاثة كلها في عرض واحد.

بل وكذلك يجري استصحاب الطهارة في أمثال الّذي ذكره لتساقط الأصول الترخيصية معا فيما إذا علم بنجاسة شيء عرضا أو الآخر عينا لأن قاعدة الطهارة في محتمل النجاسة عينا له مسانخ في محتمل النجاسة عرضا فيكون دليلها مبتلى بالإجمال فيجري استصحاب طهارة محتمل النجاسة عرضا بلا معارض رغم انه حاكم عند المشهور على الأصل الترخيصي الطولي الساقط بالإجمال.

وهذا واضح بناء على عدم الطولية بين استصحاب الطهارة وقاعدتها وجريانهما معا لكون تقدم الأصول بعضها على بعض انما يكون على أساس القرينة وهي مخصوصة بالأصول المتخالفة في المؤدى لا المتوافقة. واما بناء على الطولية ـ أي ورود الاستصحاب على قاعدة الطهارة ـ فقد يعترض عليه : بان القاعدة لا تجري في محتمل النجاسة العرضية مع جريان استصحاب الطهارة فيه فلا يكون لقاعدة الطهارة في الطرف الآخر معارض من سنخها في هذا الطرف ليبتلى دليلها بالإجمال بل تتعارض قاعدة الطهارة في أحد الطرفين مع استصحاب الطهارة في الطرف الآخر ويسقط الجميع.

۵۲۴۱