فالمفروض عدم استلزام الترخيص القطعي في الطرفين للترخيص في المخالفة القطعية ، وان أريد وجوب الموافقة القطعية فالمفروض انه معلق على عدم الترخيص الشرعي.
فلا يبقى الا دعوى ان الترخيص القطعي في المخالفة قبيح في نفسه وان لم يستلزم الترخيص في المخالفة القطعية فكان علم المكلف بوقوع هذا الترخيص من الشارع يجعله قبيحا بخلاف ما إذا لم يعلم به كما في موارد الشبهات البدوية وهذه دعوى عهدتها على مدعيها.
وثانيا ـ بالإمكان تصوير الترخيصات المشروطة على نحو لا تصبح كلها فعلية في وقت واحد ليلزم الترخيص القطعي في المخالفة الواقعية ، وذلك بان نفترض أطراف العلم الإجمالي ثلاثة ويفترض ان الترخيص في كل طرف مقيد بترك أحد بديليه وفعل الآخر ـ ولو في عمود الزمان ومتأخرا ـ فإذا علم بأنه سوف يترك الثاني ويفعل الثالث يجوز له ارتكاب الأول فلا يلزم الترخيص الفعلي القطعي في المخالفة الواقعية (١) ، نعم يلزم الترخيص القطعي في المخالفة مشروطا بشرط غير معلوم الحصول لدي المكلف الا ان هذا لا ضير فيه والا لزم عدم جريان الترخيص في الاضطرار إلى أحد الأطراف لا بعينه فان الترخيص في الوجود الأول من كل طرف الّذي يقبل السيد الأستاذ جريانه يعني الترخيص في كل منهما مشروطا بكونه الوجود الأول فيكون من الترخيص القطعي في المخالفة الواقعية مشروطا بشرط غير محرز تحققه.
الخامس ـ ان الحكم الظاهري يحب ان يكون محتمل المطابقة مع الواقع ، والترخيص المشروط ليس كذلك إذ لا يحتمل الإباحة المشروطة واقعا في شيء من الطرفين بل ما هو ثابت في الواقع اما الحرمة المطلقة أو الترخيص المطلق.
وفيه : انه لا برهان على اشتراط ذلك في الحكم الظاهري وانما يشترط فيه امران أحدهما ان يكون الحكم الواقعي مشكوكا والآخر ان يكون الحكم الظاهري صالحا
__________________
(١) بل يمكن مثل هذا التقييد فيما إذا كان للعلم الإجمالي طرفان أيضا بان يكون الترخيص المشروط في كل طرف مشروطا أيضا بإرادة ارتكاب أحد الطرفين ـ أي الجامع على الأقل ـ ولعل الأولى ان يقال : بان الترخيصين المشروطين حيث يستحيل ذاتا اقتضاؤهما للمخالفة القطعية لأنه بمجرد ارتكاب أحدهما يرتفع شرط الآخر فلا يكون روحا ولبا الا بمعنى الترخيص في ارتكاب أحدهما لا كليهما ومثل هذا ليس الا ترخيصا في المخالفة الاحتمالية فلا يقاس بمورد عدم إمكان ارتكاب الطرفين الّذي يلزم من الترخيص الفعلي فيهما الترخيص في مخالفة الواقع المعلوم بالإجمال في نفسه ولو فرض صدفة عجز المكلف عن ارتكاب الحرام الواقعي للاشتباه والتردد.