وان كان عنوان العسكر موضوعا للحكم ولكنه بنحو لا يشمل الافراد المقدرة بل الموجودة بالفعل فقط فهذا يعني بحسب الحقيقة ان هذه الحيثية شرط في الحكم بوجوب الإكرام غاية الأمر لم تصغ الجملة بنحو القضية الشرطية بل الحملية لتحقق الشرط في حق من كان في العسكر ، والشرطية لا تخرج عن كونها شرطية بتحقق شرطها خارجا ومراد المحقق النائيني ( قده ) بل ظاهر كلامه المتقدم ان العبرة في جريان البراءة بكون القضية شرطية فعليتها تتبع فعلية الشرط على نهج القضايا الحقيقية لأن ان شرط جريانها ان تكون القضية المجعولة حقيقية وان كانت الأحكام الشرعية خارجا كلها من القضايا الحقيقية.
ويقع الكلام بعد هذا في تطبيقات هذا الميزان ، فانه ربما يقع فيها الالتباس فنقول باختصار :
ان وقوع الطبيعة متعلقا للتكليف إيجابا أو تحريما يتصور بأحد أنحاء :
النحو الأول ـ ان يجعل ذات الطبيعة بلا أي مئونة متعلقا للحكم وهو الّذي يعبر عنه بالطبيعة الصرفة ، وهنا إذا كان الحكم إيجابا فسوف يكون بدليا لا تجري البراءة عند الشك في انطباقه خارجا وإذا كان نهيا كان شموليا تجري البراءة عنه لدى الشك في انطباقه خارجا. الا ان الشمولية في النهي لها معنيان وقع الخلط بينهما في كلمات بعض المحققين ، وقد شرحنا ذلك مفصلا في مباحث الألفاظ ونشير إليهما هنا فنقول :
المعنى الأول ـ شمولية النهي في عالم الجعل بمعنى انحلاله إلى نواهي وأحكام عديدة بعدد المصاديق لكل منها امتثال وعصيان مستقل بخلاف الأمر فانه لا يدل الا على وجوب واحد متعلق بصرف وجود الطبيعة يسقط بإتيان أول الوجود ، وهذا فرق بينهما بلحاظ عالم الجعل.
المعنى الثاني ـ شمولية النهي في عالم الامتثال بمعنى اننا لو فرضنا دلالة النهي على حرمة واحدة للطبيعة تسقط كالأمر بإتيانها فلا يحرم الفرد الثاني منها بعد ارتكاب الفرد الأول مع ذلك بينهما فرق في كيفية الامتثال فان الأمر الواحد يكفي في امتثاله الإتيان بمصداق منه بينهما النهي الواحد لا يمتثل الا بترك تمام الافراد.
ونكتة الفرق الأول بين الأمر والنهي نكتة إثباتية ناشئة من غلبة نشوء النهي عن المفسدة وكونها انحلالية بعدد الافراد العرضية والطولية والتي على أساسها نخرج عن