ثم ان المحقق الأصفهاني ( قده ) قد أورد على كلام المحقق النائيني ( قده ) في المقام بعد ان استفاد من كلامه اشتراط ان يكون الموضوع المشكوك مأخوذا في الحكم على نحو مطلق الوجود بنحو القضية الحقيقية ، بأنه لا يلزم ان تكون القضية حقيقية بل تجري البراءة حتى إذا كانت القضية خارجية كما إذا قال ( أكرم كل العسكر ) وشك في ان زيدا هل كان معهم أم لا.

والصحيح ان عنوان العسكر إذا كان مجرد عنوان مشير إلى واقع الافراد الخارجية فالشك في وجوب إكرام زيد يكون شبهة حكمية بحسب الحقيقة وليست موضوعية ،

__________________

موارد الشك في القدرة على الامتثال ، وقصارى ما يبين هناك ان العقل يحكم بلزوم التصدي للامتثال وعدم صحة الاعتذار لمجرد احتمال عدم القدرة عليه ، وهذا المقدار من البيان الغاية ما يمكن ان يدل عليه المنع عن جريان البراءة العقلية فيها لا إطلاق دليلي البراءة الشرعية. وما يمكن ان يستند إليه في المنع عن هذا الإطلاق أحد وجوه :.

الأول ـ دعوى ان ارتكازية الاشتغال في موارد الشك في القدرة حتى عند الموالي العرفية القائلين بقبح العقاب بلا بيان تمنع ان انعقاد الإطلاق في أدلة الرفع ونحوها من أدلة البراءة لموارد الشك في التكليف من ناحية الشك في القدرة لأنها كالأدلة الإمضائية من هذه الناحية.

الثاني ـ دعوى ان المقيد اللبي الإثباتي للخطابات من أول الأمر مخصوص بمورد العلم بالمعجز عن الامتثال لا أكثر ، إذ لا موجب لأكثر من ذلك بعد فرض ارتكازية لزوم التصدي عقلا وعقلائيا للامتثال في موارد احتمال العجز عن الامتثال.

لا يقال ـ هذا يجعل إطلاق الحكم في مورد الشك في القدرة ظاهريا ، وهو خلاف ظهور الخطابات الأولية في ان مدلولاتها أحكام واقعية لا ظاهرية أخذ في موضوعها الشك وعدم العلم.

فانه يقال : لا يلزم ذلك بل يكون إطلاق الحكم بمعنى الجعل والاعتبار لحالة الشك ف ـ في القدرة مع عدمها واقعا لمزيد التحفظ والاهتمام بمبادئه وروحه المحفوظة حتى في هذا الحال ، نعم هذا يستلزم عرفا ثبوت مبادئ الحكم وروحه في مورد العجز وعدم دخالة القدرة في الملاك ولا بأس بذلك وبعبارة أخرى يكون ثبوت الحكم في حال الشك خطابا وملاكا واقعيا على كل حال غاية الأمر لا تنجز له ولا استحقاق للعقوبة على تقدير انكشاف العجز ولا بأس به لأن الاعتبار يمكن ان يجعل واقعا وداعي التحريك يكفي فيه التحريك الاقتضائي وبلحاظ تحصيل الملاك الثابت على كل حال.

الثالث ـ أن يقال : بأن الخطابات الشرعية وان كانت مقيدة لبا بالقدرة فلا تشمل موارد العجز كما ان سقوط الخطاب في مورد يوجب سقوط الدلالة على الملاك فيه أيضا بحيث لا يمكن إحرازه بلحاظ المدلول الالتزامي للخطاب ولكن باعتبار ان الغالب والمعهود عرفا عدم دخالة القدرة في الملاك في موارد العجز أيضا وأن قيد القدرة مجرد رافع للتكليف خطابا فقط لا ملاكا وروحا. وبناء عليه يكون روح الحكم أعني الملاك العقلي معلوما في موارد الشك في القدرة وانما المجهول القدرة على امتثاله وتحقيقه خارجا وأدلة البراءة موضوعها الشك في الخطاب بروحه لا بصياغته فحسب فلا تشمل المقام.

وان شئت قلت : أن أدلة البراءة تؤمن عن التكليف من ناحية عدم العلم به لا من ناحية الشك في القدرة على تحصيله بعد العلم به. وهذا الوجه يتوقف صغرويا على قبول أصله الموضوعي ، كما ان نتيجته كبرويا اختصاص الاشتغال في موارد الشك في الأقدرة بما إذا لم يحتمل دخلها في الاتصاف ولا يبعد التزامهم. كما ان الوجهين السابقين لا يثبتان قصور إطلاق أدلة البراءة الشرعية أكثر من هذا المقدار فتأمل جيدا.

۵۲۴۱