خيرية ورجحان العمل الّذي بلغ عليه الثواب في المرتبة السابقة الا ان حمل كل اخبار الباب حتى المطلق منها على ذلك لا موجب له (١).
فيدور الأمر بين الاحتمالين الثالث والرابع أي ان يكون امرا استحبابيا نفسيا بعنوان ثانوي وهو بلوغ الثواب أو يكون حكما ظاهريا طريقيا.
وقد يستدل لا ثبات الاحتمال الثالث ونفي الرابع بأحد وجوه :
الأول ـ ما ذكره السيد الأستاذ من ان احتمال الحكم الظاهري وجعل الحجية بعيد غاية البعد لأن لسان الحجية انما هو إلغاء احتمال الخلاف والبناء على ان المؤدى هو الواقع كما في أدلة سائر الأمارات لا فرض عدم ثبوت المؤدى في الواقع كما في قوله عليهالسلام ( وان كان رسول الله لم يقله ) (٢).
وفيه : ما تقدم في شرح هذا الاحتمال من ان الأمر الطريقي الظاهري لا ينحصر في ان يكون بمعنى جعل الحجية للخبر الضعيف بل يعقل ذلك على مستوى الحكم بالاحتياط وهو لا ينافي مع التعبير المذكور (٣). على ان هذا سير حسب مصطلحات مدرسة الميرزا ( قده ) من ملاحظة ألسنة الجعل في الأحكام الظاهرية الطريقية وانها في الأمارات بلسان جعل الطريقية ، والا فقد عرفت بما لا مزيد عليه ان حقيقة الحكم الظاهري وروحه واحدة سواء كان بهذا اللسان أو بغيره.
الثاني ـ ويتألف من مقدمتين :
أولاهما ـ انه مهما رتب ثواب على عمل ما فقيل مثلا ( من فطر صائما فله كذا من الثواب ) كان ذلك دليلا على مطلوبيته واستحبابه للملازمة بين الثواب والأمر والا كان جزافا ، فان سبب الثواب ومنشأه هو الإتيان بالمأمور به والمطلوب المولوي فنستكشف من ذكر اللازم الملزوم.
الثانية ـ انه في المقام وان رتب الثواب على من بلغه الثواب على عمل فعمله فيمكن ان يكون الثواب من جهة الانقياد والإتيان بالعمل برجاء مصادفة المأمور به
__________________
(١) مصباح الأصول ، ج ٢ ، ص ٣١٩.
(٢) على ان المراد من الخير ، الخير العنواني لا الواقعي ولو بقرينة ان دليل إبلاغ الثواب عادة هو دليل الخيريّة والاستحباب لدى الشارع لأن ان هناك دليلين أحدهما على الاستحباب والآخر على الثواب.
(٣) الإنصاف ان هذا التعبير لا يناسب عرفا مع نكتة جعل الحكم الظاهري التي هي التحفظ على الملاكات الواقعية.