وهو الاحتياط في العبادة الواقعية المحتملة ولا يمكن الاحتياط فيها الا بقصد امر جزمي ، فلو أريد تصحيح ذلك بهذا الأمر لزم منه ما يشبه الدور.
والتحقيق ان يقال : تارة يفرض الأمر بالاحتياط نفسيا وأخرى يفرض طريقيا ، فإذا فرض الأمر بالاحتياط نفسيا فان كان المبنى في بحث التعبدي والتوصلي إمكان أخذ قصد الأمر تحت الأمر والخطاب فلا إشكال في المقام لأن هذا الإشكال المثار هنا نفس ما أثير في بحث التعبدي والتوصلي وجوابه نفس الجواب من ان الاحتياط بوجوده الخارجي متأخر عن جعل الأمر الّذي صقع وجوده وعالمه عالم الوجود الذهني والّذي يتوقف عليه الأمر بالاحتياط وجوده في ذهن الآمر في مقام الجعل وهو ليس كالوجود الخارجي للاحتياط متأخرا عن الأمر فلا دور لا في عالم الجعل ولا في عالم الخارج ، واما دعوى تأخر إمكان الاحتياط والقدرة عليه رتبة عن الأمر به مع انه مأخوذ في موضوعه ، وبتعبير آخر لزوم الدور في مرحلة فعلية الأمر من ناحية شرط فعليته وهو القدرة على متعلقه لأنها مشروطة بفعلية الأمر مع توقف فعلية الأمر عليه فجوابه ما ذكر في بحث التعبدي أيضا من انه تكفي في القدرة التي يشترطها العقل القدرة من ساير الوجوه والجهات غير ما ينشأ ويحصل في طول الجعل بنفس الجعل فالأجوبة المذكورة هناك بنفسها تجري في المقام.
وان فرض ان المبنى في بحث التعبدي والتوصلي عدم إمكان أخذ قصد القربة تحت الأمر فقد يقال بعدم معقولية الأمر بالاحتياط في العبادات إذ هذا الأمر اما ان يفرض تعلقه بذات العمل أو يفرض تعلقه بالعمل بقصد الأمر بالاحتياط الجزمي ، والأول خلف إذ ذات العمل ليس عبادة ولا يترتب عليه الغرض ليكون احتياطا ، والثاني يلزم منه أخذ قصد الأمر في متعلقه وهو محال بحسب الفرض.
الا ان الصحيح إمكان اختيار الشق الأول ، والإجابة عن الإشكال بان المفروض على مبنى استحالة أخذ قصد الأمر في متعلق الأمر ان ما هو المأمور به الواقعي ذات العمل فكما صورنا لزوم قصد الأمر في الأمر الواقعي بالعبادة بحكم العقل لا الشرع كذلك الحال في الأمر بالاحتياط في ذلك الأمر العبادي (١) ، وبهذا يظهر
__________________
(١) هذا إذا كان الأمر بالاحتياط في العبادات وواردا فيها بالخصوص حيث يستفاد منه حينئذ ولو بدلالة الاقتضاء ذلك. واما.