الأصلح بحال العباد والأسهل لهم.
امّا المقدمة الثانية فبكلتا صيغتيها غير تامة ، فانه بعد أَنْ كان اجتماع المصلحة والمفسدة في مادة الاجتماع ممكناً في نفسه ففي المورد الّذي يكون المكلف مضطراً إلى ارتكاب ما فيه مفسدة الحرام ـ كاستعمال الماء المغصوب ـ سوف يأمره المولى بتطبيقه على ما يكون مصداقاً للواجب ـ كالوضوء به ـ ولو فرض مبغوضيته في نفسه ، إذ في طول الاضطرار إليه يدور الأمر بين تحصيل مصلحة الواجب أو تفويتها مع وقوع المفسدة على كل حال ، ولا إشكال انَّ تحصيلها أفضل للمولى واقرب إلى نفسه فيقع مطلوباً وقابلا للتقرب به إلى المولى.
وهذا وإِنْ رجع بحسب الروح إلى ارتفاع المبغوضية الفعلية عن مادة الاجتماع في حالة الاضطرار ولكنه لا ينافي الاستظهار المزعوم في حديث الرفع.
فالصحيح : ما عليه المشهور من انَّ المانعية تسقط بسقوط الحرمة وهذا هو البحث في الكبرى.
وامّا الكلام في الصغرى أعني الصلاة في المكان المغصوب ، فتارة : يفترض ابتلائه بالمكان المغصوب في تمام الوقت ، وأخرى : يفترض خروجه منه قبل انتهاء الوقت ، وثالثة يبحث عن فرض إمكان الخروج له بعد أَنْ أُلقي اضطراراً في ذلك المكان.
امّا الحالة الأولى ـ فالمعروف انها صغرى للكبرى المتقدمة ، إذ المكلّف لا بدَّ وان يمارس عمل الغصب امّا ضمن الأفعال الصلاتية بناء على اتحادها كلاً أو بعضاً مع الغصب وإمّا ضمن تصرفات أخرى ليست مصداقاً للواجب ، فتصح منه الصلاة وتجب بعد سقوط الحرمة بالاضطرار.
وذهب بعض المحققين إلى انَّ التصرف الصلاتي يزيد على المقدار المضطر إليه من الغصب ، فانه لو بقي ساكنا من دون ركوع وسجود كان تصرفه في الغصب أقل ، وعليه تكون الزيادة محرمة حيث لا اضطرار إليها فتقع الصلاة فاسدة.
__________________
وسياق الامتنان لا يتوقفان على ثبوت مقتضي الحرمة بمعنى المبغوضية بل يكونان بلحاظ ثبوتها لو لا الرفع ملاكا وخطابا بنحو القضية الشرطية كما كان في الأمم السابقة ، أو ثبوت الملاك دون المبغوضية ، بل رفع الحرمة خطاباً وملاكاً في المقام هو الأوفق للامتنان على العبد في خصوص المقام لأنه يمكنه حينئذ تطبيق الواجب على مادة الاجتماع.