ومن مجموع ذلك يتضح : انه يستفاد من الجملة الشرطية من جهة انتفاء مطلق وجوب الإكرام الأعم من وجوب مطلق الإكرام أو الإكرام الخاصّ ، حيث أخذ وجوب الإكرام بنحو المدلول التصوري الحرفي موضوعاً للحكم بالتعليق والمفروض معقولية الإطلاق والتقييد في المعاني الحرفية المصحح لرجوع الشرائط إلى مدلول الهيئة لا المادة ، ويستفاد منها من جهة ثانية انَّ الثابت على تقدير الشرط هو وجوب مطلق الإكرام ببركة إجراء مقدمات الحكمة في طول التعليق (١).

التنبيه الثالث : فيما إذا كان الحكم في الجزاء عاماً بلحاظ موضوع الحكم كما إذا قال ( إِنْ رُزقت ولداً فأكرم كل فقير ) فهل يثبت في طرف المفهوم انتفاء العموم أو عموم الانتفاء؟ فنقول تارة يفرض العموم في موضوع الحكم بالوجوب في طرف الجزاء مجموعياً ، وأخرى : استغراقياً.

امّا الأول : فلا إشكال انَّ المفهوم حينئذ انتفاء العموم المجموعي لأنه بحسب الحقيقة ليس إلاّ حكماً واحداً متعلقا بمجموع الافراد كموضوع واحد والمفهوم ينفي به ثبت في طرف المنطوق لا غير.

وامّا الثاني : الّذي يكون فيه أحكام عديدة بعدد افراد العام ، فالصحيح فيه انه بحسب عالم الثبوت تارة : يكون المعلق صفة العموم ، وأخرى يكون المعلق ذات العام أي الافراد المستوعبة مع افتراض انها ملحوظة بنحو الاستغراق ، وثالثة يكون المعلق ذات العام مع ملاحظة الافراد بنحو المجموعية والوحدة.

فعلى الأول يثبت انتفاء العموم فلا تثبت السالبة الكلية بلحاظ موضوع الحكم ففي المثال لا يثبت أكثر من عدم وجوب إكرام جميع العلماء فيما إذا لم يُرزق ولداً ، ولعله يجب إكرام الفقيه منهم خاصة.

__________________

(١) إِنْ قيل ـ على هذا إذا فرض تقييد الإكرام بقرينة متصلة ولكن لا بأَنْ يؤخذ قيداً تصوريا مع الإكرام بل بنحو الجملة المستقلة بأَنْ يقول إِنْ جاءك زيد فأكرمه وليكن إكرامك بالضيافة. فإطلاق المفهوم ينبغي ان يبقى على حاله مع كون مفاد المنطوق هو وجوب الإكرام الخاصّ.

قلنا ـ انَّ التقييد المذكور إِنْ لم نستظهر رجوعه إلى تحديد المدلول الاستعمالي للإكرام المأخوذ في الجزاء فلا أقل انَّه يمنع عن انعقاد الإطلاق فيه بلا إشكال ، ولو فرض قيام قرينة على اختصاص التقييد لطرف المنطوق فقط التزمنا بإطلاق المفهوم بلا كلام.

۴۵۵۱