واقتضاءً لا لمانع لما أشرنا إليه في مقدمات الحكمة من انَّ الإطلاق نتيجة عدم وجود ما يكون بياناً للقيد. إِلاَّ انَّ هذا التخصيص تارة لا يحتاج إلى مصادرة ، وأخرى يحتاج إلى مصادرة وعلاوة ، ومن هنا تختلف الأقسام المتقدمة. ففي القسم الأول وهو ما إذا كان القيد وارداً في نفس جملة المطلق انهدام الإطلاق ومقدمات الحكمة لا يحتاج إلى مصادرة على ما تقدّم في بيان مقدمات الحكمة وكيفية اقتضائها للإطلاق ، لأنَّ اسم الجنس لم يأتِ مجرداً عن القيد لكي ينعقد فيه إطلاق ، وامّا في الأقسام الأخرى فان بني في المقدمة الثانية من مقدمات الحكمة انَّ عدم بيان القيد يراد به عدم مطلق ما يكون بياناً للقيد فهنا أيضاً لا نحتاج إلى المصادرة الإضافية في تمام الأقسام التي حكمنا فيها بحمل المطلق على المقيد لثبوت ما يدل على القيد ، وامّا إذا كان المراد بيان ما يكون قرينة على التقييد وبلسان التقييد والقرينة فانهدام الإطلاق موقوف في هذه الأقسام على مصادرة زائدة هي انَّ طرز بيان القيد في جملة المقيد هو طرز القرينية امّا بنحو الحكومة كما في القسم الثاني أو بنحو القرينية النوعية كما في الثالث والرابع لكي يحرز بذلك انثلام مقدمات الحكمة.
ثم انَّ هذا المقيد قد يفرض انه يتدخل في إثبات مفاده إِطلاق من الإطلاقات بحيث لولاه لم يكن موجب للتقيد ، كما إذا قال ( لا يجب عتق الرقبة ) و( أعتق رقبة مؤمنة ) فانَّ التقييد في المقام فرع استفادة الوجوب من ظهور صيغة الأمر وامّا لو حمل على الاستحباب فلا تنافي ، فلو قيل مثلاً انَّ دلالة الأمر على الوجوب بالإطلاق ومقدمات الحكمة لا بالوضع وقع التنافي بين الإطلاقين لا محالة. وفي مثل ذلك نحتاج إلى المصادرة المتقدمة على كل حال حتى لو بنينا على انَّ المقدمة الثانية هي عدم مطلق ما يكون بياناً للقيد فانه من دون فرض مصادرة القرينية وانّ الإطلاق إذا كان في موضوع أخص عُدَّ قرينة عرفاً لم يكن وجه لترجيح أحد الإطلاقين على الاخر.
المقام الثاني ـ في المقيد المنفصل وقد ذكروا في هذا المقام انه إِن لم يكن بين المطلق والمقيد تناف أخذ بهما وإِلاَّ حمل المطلق على المقيد ، وتحقيق حال هذه الفتوى بالكلام في موضوعين :
١ ـ انه متى يكون تناف وتعارض بين المطلق والمقيد؟