الترك غالباً من مفسدة الفعل التي هي انحلالية فيكون الحكم انحلاليّاً ونكتة انَّ الطبيعة لا تترك إِلاّ بترك تمام أفرادها فيكون امتثاله بترك تمامها.

التنبيه الثاني : انَّ قاعدة أنَّ الطبيعة توجد بفرد واحد ولا تنعدم إِلاّ بانعدام تمام أفرادها بالتفسير المتقدّم تنطبق على كلّ الطبائع والكلّيات إِلاّ الجامع الانتزاعي مثل أحدهما فانَّه لو قال ( أوجد أحدهما ) استفيد منه لزوم إيجاد أحدهما بينما إِذا قال أعدم أحدهما أو اترك أحدهما لا يستفاد منه لزوم تركهما وإعدامهما معاً مع انَّ القاعدة العقلية لا تقبل التخصيص وبعبارة أخرى مثل عنوان أحدهما يختلف عن أي عنوان جامع آخر في انَّه يمكن أَنْ يصدق في حقّه في آن واحد الوجود والعدم معاً فنقول أحدهما موجود وأحدهما معدوم وهذا بخلاف سائر الجوامع والمفاهيم الكليّة فانَّه لا يضاف إليها العدم إِلاّ بانعدام تمام مصاديقها وأفرادها ، وهذا لغز مستعصى لا يمكن حلّه إِلاّ بمراجعة حقيقة هذه الجوامع لكي يتبيّن انَّها ليست كلّيات وانَّما هي أشباه كلّيّات.

وتوضيح ذلك ـ انَّ عنوان أحدهما وما يماثله ليس جامعاً من قبيل عنوان الصلاة وانَّما هو مجرّد رمز ذهني يراد به التعبير عمَّا في الخارج والإشارة إليه فبدل أَنْ يقول مثلاً جاء زيد يقول جاء أحدهم فانَّ هذا ليس جامعاً ينطبق على زيد وغيره كما في سائر الجوامع وانَّما هو من قبيل الرمز بـ ( س أو ص ) الّذي يعبر بهما عن الاعداد فهو في قوة أَنْ يقال هذا أو ذاك فليس طلب تركه طلباً لترك الجامع وانَّما هو طلب لترك إِحدى الخصوصيّتين.

والبرهان على ذلك : انَّ الجامع لا يمكن أن ينطبق على الفرد بخصوصيّاته لأنّه عبارة عن تجريد الفرد عن خصوصياته وانطباقه على الفرد بذاته لا بخصوصيته ، وهذا بخلاف عنوان أحدهما أو أحدهم فانه ينطبق على الخصوصية بما هي خصوصية.

۴۵۵۱