وهذا يرجع في الحقيقة إلى روح ما قاله الميرزا ( قده ) من انَّ المادة بما هي معروضة للنسبة تكون معلقة فانَّ هذا يعني انه اتخاذ مفهوم اسمي مشير إلى النسبة وتعليق ذاك المفهوم الاسمي على الشرط.
هذا هو تمام الكلام في المرحلة الثالثة وبذلك انتهى الكلام في النقطة الأولى ..
النقطة الثانية : في البحث عن الركن الأول في ضابط المفهوم وهو على حسب تعبير المشهور وتفكيرهم دلالة الجملة الشرطية على الوجوب الكلّي الانحصاري ، وقد أشرنا فيما سبق إِنَّ انتزاع المفهوم تارة : يكون بحسب المفهوم ومرحلة الدلالة التصورية للكلام ، وأخرى : يكون بحسب المدلول التصديقي ومرحلة الدلالة التصديقية للكلام وانتزاعه بلحاظ المرحلة الأولى ميزانه أَنْ تدل الجملة الشرطية على النسبة التوقفية ، وانتزاعه بلحاظ المرحلة الثانية ميزانه أَنْ تدل على انَّ الربط بين الشرط والجزاء على نحو الربط بين المعلول وعلّته المنحصرة ، ومن هنا بالإمكان تصنيف التقريبات المذكورة لتخريج مفهوم الشرط إلى صنفين فمنها ما يثبت المفهوم بحسب المدلول التصوري للجملة الشرطية ، ومنها ما يثبته بحسب المدلول التصديقي لها والتقريبات التي تحاول إثبات المفهوم عن طريق دعوى الانسباق والتبادر تكون من الصنف الأول ، والتقريبات المبتنية على التمسك بالإطلاق ومقدمات الحكمة التي تكشف عن المدلول التصديقي من وراء اللفظ ترجع إلى الصنف الثاني.
وأيّا ما كان فما ذكر لتخريج المفهوم في الجملة الشرطية خمسة تقريبات نذكرها فيما يلي تباعا مع التعليق على كل واحد منها.
التقريب الأول : دعوى انَّ هيئة الشرط أو أداته موضوعة للربط بنحو اللزوم العلّي الانحصاري ـ أي النسبة التوقفية بحسب اصطلاحنا ـ وذلك بشهادة التبادر الّذي يكون علامة الحقيقة. وهذا التقريب إِنْ تم فهو يثبت المفهوم للجملة الشرطية في مرحلة المدلول التصوري الوضعي.
وقد لوحظ على هذا التقريب : أنَّ لازمه الالتزام بالتجوز والعناية في موارد عدم إرادة المفهوم من الجملة مع انَّ الوجدان قاض بعدمها في جملة من موارد عدم المفهوم كما في قولك ( إذا أغرقت تموت )