وقد ناقش في ذلك صاحب الجواهر ( قده ) : بأنَّ الغصب امّا يكون بإشغال الحيز من المكان المغصوب أو بإلقاء الثقل على الأرض المغصوبة وشيء منهما لا يزداد بصلاة المكلف ، فانَّ ما يشغله من الحيز في الفضاء محفوظ على كل حال مهما اتخذ من الإشكال الهندسية ، كما انَّ الثقل أيضاً لا يختلف بالقيام أو القعود أو السجود.
والحق مع صاحب الجواهر ، فانْ تخيل انَّ البقاء ساكنا أقل تصرفا في الغصب مبنيٌ على أحد تصورين كلاهما باطل.
الأول ـ انَّ الساكن يرتكب حراماً واحداً هو الجلوس مثلاً في المكان المغصوب وامّا إذا جلس مرة وركع أخرى وقام ثالثة ارتكب محرمات عديدة.
والجواب ـ انَّ الجلوس المستمر أيضا انشغالات عديدة في المكان المغصوب فليس حراماً واحداً بل محرمات عديدة بعدد آنات الانشغال بالجلوس ، وإلاّ لما اختلف حال الجلوس لحظة والجلوس سنة في المكان المغصوب في مقدار الحرام ، وليس ذلك إلاّ من أجل انَّ الانشغال في كل آن حرام مستقل ، وفي المقام اما أَنْ يأتي المكلف بفردين مماثلين من الانشغال في المكان المغصوب فيجلس ويجلس أو بفردين متغايرين فيقوم ويجلس فلا فرق بينهما في مقدار الحرام.
الثاني ـ انَّ الاشتغال بالصلاة يشتمل على الحركة من السكون إلى السكون وكلاهما حرام بخلاف أَنْ يجلس دائما فالكون ثابت دون حركة زائدة محرمة.
والجواب : انَّ الكون المتحرك ليس بأشد أو أكثر تصرفا من الكون الثابت.
واما الحالة الثانية ـ فبان يفرض ارتفاع الاضطرار قبل انتهاء الوقت ، وحكم هذه الحالة بناء على ما تقدم في الحالة الأولى جواز الصلاة في المكان حتى مع علمه بالخروج بعد ساعة ، إذ المفروض عدم لزوم تصرف زائد بالصلاة الاختيارية.
وامّا الحالة الثالثة ـ فيجب عليه فيها الخروج فوراً تخلّصا من الغصب وليس له أَنْ يمارس أي عمل يؤخره عن الخروج ويعطله ، فلو كان بإمكانه أَنْ يصلي حين الخروج صلاة اختيارية كما إذا كان راكباً في عربة وبإمكانه أَنْ يصلي صلاة اختيارية حال سيرها ـ جاز له أَنْ يصلي دون فرق بين ضيق الوقت وسعته ، لأنه على كل حال مضطر إلى هذا المقدار من الغصب ، وامّا إذا كانت صلاته الاختيارية تعيقه عن الخروج