بين الحكم والموضوع محفوظ.
ومثال القسم الثاني الجمل الشرطية ، كأنْ يقال ( إِنْ جاءك زيد فأكرمه ) فانه يدل بالملازمة على الانتفاء عند الانتفاء ، لأنَّ اللازم لازم لنفس الربط الخاصّ بين الشرط والجزاء ولا يكون لازماً لذات الشرط ولا لذات الجزاء ، بدليل إنّه لو غير الشرط والجزاء معاً أيضاً دلت الجملة على الانتفاء عند الانتفاء لو كان نفس الربط السابق محفوظاً كما إذا قيل بدلاً عن المثال السابق ( إِنْ جاءك مظلوم فأعِنْهُ ) ، فانها أيضاً تدل على الانتفاء عند الانتفاء ، غاية الأمر مع تبديل أطراف منطوق الجملة يتبدل أطراف المفهوم لا أصله (١).
« ضابطة الدلالة على المفهوم »
الجهة الثانية ـ بعد أَنْ عرفنا المقصود من المفهوم فما هو المناط في استفادة المفهوم من الجملة؟ يعني انه ما هي النكتة التي لو ثبت دلالة جملة ما ـ شرطية كانت أو وصفية أو غائية أو غير ذلك ـ عليها كانت الجملة دالة على المفهوم ، وبعبارة ثالثة : كنا نتكلم في الجهة السابقة عن تعريف نفس المفهوم فعرفنا انَّ المفهوم عبارة عن لازم الربط الخاصّ في الجملة ، وهنا نريد أَنْ نتكلم عن الموجب لثبوت لازم الربط ، فالجملة لا بدَّ وأَنْ تكون بأي شكل حتى يكون للربط فيه لازم يسمّى بالمفهوم؟.
وفي مقام تحقيق ذلك ذكر المشهور انَّ الضابط لاستفادة المفهوم من الجملة يتركب من ركنين إذا تم الركنان أصبحت للجملة مفهوم.
الركن الأول : أَنْ تكون الجملة دالة على الربط اللزومي العلّي بنحو العلّية التامة
__________________
(١) لعلّ الأوفق أَنْ يقال : بأنَّ المفهوم ما يكون لازماً لخصوصية أخذت في القضية زائداً على أصل النسبة الحكمية سواءً كانت خصوصية للموضوع والمحمول ـ كما في مفهوم الموافقة ـ أو خصوصية في ثبوت المحمول للموضوع ـ كما في مفهوم الشرط والوصف ـ.
وامّا ما أُفيد فيمكن أَنْ يورد عليه عدة ملاحظات :
(١) لا يشمل مفهوم الموافقة لو أُريد به تعريف الأعم منها ومن مفهوم المخالفة.
(٢) لا يشمل مثل مفهوم العدد الّذي يكون المدلول الالتزامي فيه لنفس العدد الّذي هو مفهوم اسمي لا للربط.
(٣) يعم دلالات ليست من المفهوم كدلالة قولنا من كان عالماً وجب إكرامه على انَّ من لا يجب إكرامه ليس بعالم ـ مع قطع النّظر عن حجيته وعدمها ـ مع انه ليس بمفهوم اصطلاحاً.