وهكذا يتضح صحة ما ذهب إليه المشهور في هذا الفرع من عدم سريان إجمال المخصص إلى العام وصحة التمسك به في مورد إجمال المخصص لتمامية المقتضي وفقدان المانع.
الفرع الرابع ـ ما إذا كان المخصص المجمل منفصلاً ومردداً بين متباينين كما إذا قال ( أكرم كلَّ فقير ) وورد في دليل منفصل ( لا تكرم زيداً الفقير ) وقد تردد بين زيدين.
وفي هذا الفرع أيضاً نتبع نفس المنهجة المتقدمة في الفرع الثاني لأنهما يشتركان في الدوران بين متباينين ، فنقول : يقع البحث عن حكم هذا الفرع في ثلاث نقاط :
النقطة الأولى ـ عدم صحة التمسك بالعامّ في الفردين معاً ، ووجه ذلك واضح فانه بالرغم من فعلية دلالة العام وشموله للزيدين معاً ـ خلافاً لما تقدم في الفرع الثاني ـ لكون المخصص المنفصل على ما تقدم في الأصل الموضوعي لا يهدم أصل ظهور العام. إِلاَّ انَّ حجية أحد الظهورين ساقطة بحسب الفرض ومعه لا يمكن التمسك بهما معاً ، فانه يعني التمسك بالعامّ فيما يقطع بعدم حجيته فيه وهو غير معقول.
النقطة الثانية ـ عدم جواز التمسك بالعامّ في أحد الفردين بالخصوص ، والوجه فيه واضح أيضاً فانَّ ظهور العام في كل منهما وإِنْ كان فعلياً فالمقتضى تام كما انه لا يعلم بتخصيصه بالخصوص فالمانع مفقود أيضاً لو لوحظ كل من الظهورين مستقلاً إلا انه باعتبار العلم بالتخصيص في أحدهما لا محالة يقع التعارض بينهما في الحجية بالعرض ويكون شمول دليل الحجية لأحدهما دون الاخر ترجيحاً بلا مرجح ، هذا لو أُريد التمسك بأحدهما بالخصوص بدلاً عن الاخر وامَّا التمسك به وبالآخر جمعاً فهو رجوع إلى النقطة السابقة وقد عرفت عدم معقوليته.
النقطة الثالثة ـ في جواز التمسك بالعامّ لنفي التخصيص الزائد المحتمل في الفرد الآخر غير الخارج بالتخصيص على نحو الإجمال إذا ترتب على ذلك أثر شرعي.
والصحيح : في هذه النقطة هو الجواز أيضاً كما كان الأمر كذلك في الفرع الثاني رغم انَّ الشبهة التي آثرناها هناك تجري في المقام أيضاً فيما إذا كان الخارج لا تعين له ثبوتاً.
بل الإشكال هنا أعوص منه هناك إذ يرد أيضاً في مورد تعين الفرد المخصص واقعاً