لحصول الطهارة ، والوجوه التي تذكر لكون النهي المتعلق بالمسبَّب يوجب البطلان لا تأتي هنا.

الجهة الثانية ـ فيما إذا تعلق النهي بالمسبَّب ، والكلام في هذه الجهة يقع في نقطتين :

الأولى : في الاستشكال الّذي وقع في أصل معقولية تعلق النهي بالمسبَّب والثانية : بعد الفراغ عن معقوليَّته يبحث عن انه هل يوجب البطلان أم لا؟.

امّا النقطة الأولى ـ فيمكن بيان الاستشكال فيها بأحد بيانين :

البيان الأول ـ انَّ النهي لا بدَّ وأَنْ يتعلق بما يكون فعلاً لنفس المكلف ، ولا يمكن أَنْ يوجه إلى المكلف نهي متعلق بفعل شخص آخر ، والمسبَّب في المقام ليس فعلاً للمكلف لأنَّ ما هو فعل المكلف انما هو إنشاء المعاملة فقط دون نقل الأموال من ملك شخص إلى ملك شخص آخر فانه فعل الشارع.

والجواب عن هذا البيان واضح : فانَّ المقنِّن بعد أَنْ قنَّن السببية وجعل إنشاء المعاملة سبباً لحصول الانتقال يصبح المسبَّب تابعاً لإيجاد السبب ، وهذا يعني انَّ المسبَّب يكون فعلا تسبيبياً وتوليدياً للمكلف فيمكن تعلق النهي به.

البيان الثاني ـ لو سلّم انَّ نقل المال من ملك إلى ملك ـ الّذي هو المسبَّب ـ يكون فعلاً تسبيبياً للمكلف إلاّ انه فعل مباشري له تعالى ، فلو لم يكن هذا الانتقال مبغوضاً له فلما ذا ينهى عنه؟ ولو كان مبغوضاً له فالأولى أَنْ لا يفعله بنفسه ما دام انه فعله مباشرة من دون احتياج إلى أَنْ ينهى العبد عنه ويلجئه إلى ترك السبب حتى لا يتحقق المسبَّب.

والجواب : أولاً ـ انه يمكن افتراض انَّ الشارع يحب عدم حصول الانتقال من ناحية عدم حصول السبب ولا يحب عدم حصوله من ناحية عدم جعل السببية بعد وقوع السبب خارجاً ، وذلك بأَنْ يفترض وجود مفسدة في حصول الانتقال مطلقاً سواءً وجد السبب خارجاً أو لا ، ويفترض انه على تقدير وقوع السبب في الخارج تثبت هناك مصلحة أقوى ـ من المفسدة ـ في حصول الانتقال ، وحينئذ لا بدَّ للشارع أَنْ ينهى عن إيجاد المسبَّب كي لا تقع المفسدة وفي نفس الوقت لا بدَّ وأَنْ يحكم بالانتقال عند حصول السبب ـ أي يجعل السببية ـ كي لا تفوت المصلحة.

۴۵۵۱