كلّما صدقت النسبة في طرف الشرط صدقت النسبة في طرف الجزاء أي النسبة الصدقية والصدق والتصادق من شئون المفاهيم ، فتكون من النسب في عالم الذهن ، وقد ذكرنا مراراً انَّ النسب الذهنية تكون تامة ، وعليه فيتفرع مفاد الجزاء عن المدلول التصديقي ويكون مدلولاً تصورياً طرفا للنسبة الربطية التامة فيجري فيه الإطلاق حينئذ على حدِّ جريانه في أطراف سائر النسب الحكمية التامة ، وهذا التخريج لا يجري إلاّ في مورد تكون فيه النسبة بين القيد والحكم نسبة تامة كالنسبة الشرطية الالتصاقية ، وامّا إذا كانت ناقصة كما في التقييد في المثال المذكور الّذي يدل على نسبة الربط الخارجي بين وجوب الإكرام ومجيء زيد فلا يمكن إجراء الإطلاق فيه لإثبات ان المقيد به طبيعي الحكم ، وهذه نكتة عامة تجري في تمام موارد عدم المفهوم على ما سوف يتضح.
ثم انَّ الركن الأول للمفهوم عندنا أيضا غير موجود في هذا النحو من الجمل المقيدة وهو الدلالة على النسبة التوقفية لأنَّ التقييد بـ ( عند ) ونحوه لا يدل على أكثر من التخصيص والتقييد فلا تدل على التوقف أو التعليق كي يدل على الانتفاء عند انتفاء القيد.
التنبيه السادس : إذا كانت أداة الشرط اسماً يقع نفسه موضوعا للحكم كقولنا ( من أكرمك أكرمه ) فالصحيح عدم دلالة الشرطية حينئذ على المفهوم ، والوجه في ذلك ما ذكرناه في التنبيه الأول لتخريج عدم دلالة الشرطية المسوقة لتحقق الموضوع على المفهوم ، لأنَّ انتفاء الشرط في المقام يساوق انتفاء موضوع الحكم في الجزاء والمفروض انَّ المعلق على الشرط انما هو الحكم المقيد بموضوعه لا طبيعيّ الحكم وانتفائه بانتفاء الموضوع عقلي ثابت في الجمل الحملية أيضا.
التنبيه السابع : إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء في جملتين شرطيتين بأَنْ علق حكم واحد على كل من الشرطين كما في المثال المعروف ( إذا خفي الأذان فقصر ، وإذا خفيت الجدران فقصر ). فسوف يقع التعارض بين إطلاق المفهوم في كل منهما فيلتزم بوجود علّتين مستقلتين لوجوب التقصير وهذا رفع لليد عن الإطلاق المقابل بأو المثبت