وكلاهما حاصلان في صورة الجهل بالحرمة ، بخلاف صورة العلم بها إذ سوف لا يمكن التقرب بالفعل لكونه مبغوضاً ومحرماً ولا يمكن التقرب بالمبغوض للمولى (١).
وهذا التخريج أشكل عليه الأستاذ : بأنَّ صحة التقرب بالملاك انما يكون فيما إذا كان فعلياً بأن يكون الفعل محبوباً بالفعل لدى المولى لا ما إذا كان مندكا ومغلوباً لملاك الحرمة ومبغوضاً بالفعل ولو فرض جهل المكلف بها.
وكأن هذا الكلام منه يفترض في صلاحية التقرب بالفعل شرطاً زائداً على الملاك وهو المحبوبية الفعلية.
وهذا لا مأخذ له فانه لا يشترط في فعلية التقرب أكثر من تخيل الأمر والمحبوبية ولو لم يكن إلاّ المبغوضية واقعاً كمن ينقذ عدوَّ المولى بتخيل انه ابنه أو صديقه فانه يتقرب بعمله وإِنْ كان مبغوضاً محضاً.
وعليه فلو سلمنا الأصل الموضوعي المذكور في هذا التخريج من وجدان الفعل في مورد الاجتماع لنفس ملاك الأمر بالعبادة ومصلحته فلا محالة يتم هذا التفصيل إلاّ انه قد تقدم عدم إمكان إحراز ذلك إلاّ بالتمسك بالمدلول الالتزامي بعد سقوط المطابقي أو إطلاق المادة وكلاهما كان باطلاً.
على انه لو تم شيء منهما فلما ذا لم يحكم بذلك في سائر موارد التعارض كما أشرنا فيما سبق.
التخريج الرابع ـ ما ذكره المحقق النائيني في وجه هذا التفصيل ولكن لا بناء على الامتناع ـ كما في التخريجات الثلاثة المتقدمة عن صاحب الكفاية ـ بل بناء على القول بالجواز وتوضيحه :
انه بناء على الجواز وانَّ التركيب انضمامي لا اتحادي وإِنْ لم يكن محذور التضاد إلاّ انه يوجد محذور التزاحم ، فانه يشترط أَنْ يكون متعلق الأمر الحصة المقدورة عقلاً وشرعاً ومع الحرمة لا تكون هذه الحصة مقدورة فلا يمكن الأمر بها لا عرضياً ـ لما قلنا من اشتراط القدرة في متعلّق الأمر ـ ولا طولياً وبنحو الترتب بناء على مبنى تقدّم منه في بحث
__________________
(١) نفس المصدر ، ص ٢٤٦ ـ ٢٤٧