لوكان الأمر والنهي متعلّقين بالإضافتين لم يكن هناك محذور لتعددهما وجوداً أو واقعاً ، فانَّه يمكن للمولى أَنْ يقول اجعل عملك هذا عبادة ومضافاً إلى المولى ولا تجعله غصباً ، وامَّا إذا كان الأمر والنهي متعلّقين بنفس الفعل المضاف لا الإضافة فالفعل المضاف كالإنسان الموصوف بأنَّه يصلّي أو يغصب يكون حمل العنوانين عليه بحسب الحقيقة حمل اشتقاق الّذي لا يلزم من تعددهما تعدد المعنون.
وهكذا يتّضح : انَّ الملاك الثالث للجواز الّذي ذهب إليه المحقّق النائيني ( قده ) انَّما يصحّ في خصوص ما إذا كان العنوانان عرضيين ومحمولين على الخارج بحمل مواطاة ، أي لهما مصداق بالذات بحسب نظر الأصولي لا بحمل اشتقاق وإِلاّ فلا يؤدّي تعددهما إلى تعدد المعنون حقيقة ودقة.
وهذا الملاك للجواز إذا قارنّا بينه وبين الملاك الثاني الّذي نحن أثبتناه ، وهو كفاية تعدد العنوان لرفع غائلة التضاد ، نجد انَّه لا فرق كثير بينهما من حيث النتائج فانَّه في كلّ مورد يصدق فيه هذا الملاك يصدق فيه الملاك الثاني وفي كلّ مورد لا يصدق فيه الملاك الثاني لا يصدق فيه هذا الملاك أيضا باستثناء مورد واحد.
توضيح ذلك : انَّه في جميع موارد العناوين التي هي من المبادئ الحقيقية أو الانتزاعية والتي تحمل على مصاديقها بحمل مواطاة كما ينطبق الملاك الثاني للجواز ينطبق الملاك الثالث.
وفي العناوين التي تحمل على مصاديقها بحمل اشتقاق بالمعنى الّذي اصطلحنا عليه الشامل لمثل الصلاة والغصب كما لا ينطبق الملاك الثالث للجواز لا ينطبق الملاك الثاني للجواز بل يكون الاجتماع ممتنعاً ، باعتبار انَّه في هذه الموارد سوف يكون بالدقّة للعنوانين محور مشترك هو الذات المتّصفة بالحيثية ، وقد ذكرنا في التحفّظ الثالث انه كلّما كان هناك محور مشترك بين العنوانين فلا يتمّ فيه الملاك الثاني للجواز لأنَّه بلحاظ ذلك المحور المشترك سوف يجتمع الأمر والنهي على عنوان واحد (١).
__________________
(١) هذا ليس هو التحفّظ الثالث فانَّ التحفّظ الثالث ما إذا كان بين العنوانين جزء مفهومي مشترك أي عنصر عنواني مشترك كاحترام العادل واحترام الفاسق وفي المقام لا اشتراك في مفهوم وجزء عنواني بين الصلاة والغصب ، إذ لو أُريد اشتراكهما في مفهوم الذات والشيء فمن الواضح انَّ هذه مفاهيم اعتبارية إشارية يستخدمها الذهن للإشارة بها إلى الخارج وليست جزءاً من