المردد أَي انَّ الظهور في الجدية المشار إليه بهذا العنوان مردد بين ما يقطع ببطلانه وما لا يحرز وجوده وإحراز مثل هذا الظهور لا يكون إحرازاً لظهور حجة لكي تثبت على أساسه لوازمه.

إِلاَّ انَّ هذا الإشكال غير تام رغم انا كنا نبني عليه فيما سبق ، وذلك لأنَّ الظهور في الجدية وعدم التقية صفة مضافة إلى نفس الكلام لا إلى المدلول الاستعمالي له بمعنى انَّ الدال على الجدية وعدم التقية انما هو ظهور حال المتكلم في انَّ كلامه الّذي يتكلم به ليس فارغاً وتقية لا انَّ الدال عليه هو نفس المدلول الاستعمالي ليقال انه مردد بين مقطوع البطلان وغير محرز الثبوت ، بل المدلول الاستعمال طرف الدال وهو ظهور حال المتكلم في انَّ كلامه ليس فارغاً وهزلاً بل له مراد جدي على طبق ظاهره وهذا الظهور محرز وجداناً وبما انه يحرز ببركة الدليل المبين عدم جدية جعل الكرية لستمائة رطل عراقي فيحرز بالملازمة انَّ مفاد المجمل هو جعل الكرية لستمائة بالمكي لا محالة.

لا يقال : قد تقدم في بحوث العام والخاصّ انه لا يمكن إحراز المدلول استعمالي للدليل بأصالة الجد بعد معلومية المراد الجدّي لأنَّ الأصل المذكور انما يرجع إليه عقلائياً لتشخيص المراد الجدي عند الشك فيه من المراد الاستعمالي المعلوم لا العكس ولهذا لا يتمسك به لإثبات استعمال العام في الخصوص بعد ثبوت التخصيص بلحاظ المراد الجدي.

فانه يقال : لو فرض وجود تخصيص في حجية الظهورات ففي المقام لا يراد إثبات ما هو المدلول الاستعمالي من المجمل بل إثبات جدية المعنى الآخر ابتداءً باعتباره لازماً لحجية الظهور المذكور من دون أَن نتعبد بما هو المراد الاستعمالي له وإِن كان ذلك أيضا لازماً.

النوع الثاني ـ ما إذا كان الدليلان معاً مجملين بالذات فإذا لم يكن شيء من المحتملات في أحدهما منسجماً مع بعض محتملات الآخر بنحو يصلح لرفع إجماله وتعيينه فلا طريق لرفع الإجمال حينئذٍ ، وأمَّا إِذا كان بعض محتملات كلّ منهما متطابقاً مع بعض محتملات الآخر كما في مثال الكرّ حيث ورد تحديده تارة بستمائة رطل وأُخرى بألف

۴۵۵۱