الشرعي. وإن شئت قلت : انَّ الذهن من خلال هذا العنوان الانتزاعي يرى واقع العناوين المنطبق عليها فيلزم التهافت والتضاد بهذا اللحاظ.
التحفّظ الثالث : إنَّ العنوانين المتغايرين إِذا اشتركا في جزء كما إِذا أمر بتعظيم العادل ونهى عن تعظيم الفاسق فقام المكلّف لمجيء العادل والفاسق في مورد مثلاً بحيث انطبق على فعله العنوانان معاً كان هذا من الشقّ الأول لأنَّ الجزء المشترك وهو التعظيم سوف يكون محبوباً ومأموراً به ضمناً وباعتبار لزوم التخيير الشرعي منه سوف يتعلّق الحبّ بالفرد المبغوض لا محالة ، وهذا يعني انَّ تعدد العنوان انَّما يوجب جواز الاجتماع إذا كانا متمايزين بتمام حقيقتهما وامَّا إِذا كانا متغايرين في الخصوصية مع الاشتراك في ذي الخصوصية لحق بالشقّ الأول.
وبما ذكرناه من التحفُّظات حول الملاك الثاني للجواز أعني كفاية تعدد العنوان لدفع غائلة التضاد يظهر انَّنا بحاجة أيضا إلى البحث التطبيقي ـ الصغروي ـ للملاك الثالث من ملاكات الجواز وهو ما دار بين المحقق الخراسانيّ والنائيني والسيد الأستاذ من انَّ المجمع هل يكون واحداً أو متعدداً ، فانَّه إذا ثبت انَّه متعدد أمكن الاجتماع وكذلك التقرّب لا محالة بالمجمع وإِنْ كان منضمّاً إلى ما يكون مصداقاً للحرام.
وقد ذكرنا فيما سبق انَّ القوم انّما اتجهوا هذا المنحى في تصوير الجواز وعدم الاكتفاء بتعدد العنوان باعتبار ما اشتهر من أنَّ الأحكام انَّما تتعلّق بالعناوين لا بما هي هي بل بما هي فانية في الخارج وحاكية عنه فالمعروض هو الخارج فلا بدَّ من تعدّده.
ونحن قد كشفنا وجه المغالطة في ذلك حيث قلنا انَّ هذا الفناء والإفناء ليس بمعنى انَّه يوجد هناك شيئان العنوان والمعنون وانَّ الحكم يعبر من الأول إلى الثاني ، بل ليس هنالك إِلاّ معروض واحد للحكم وهو العنوان غاية الأمر انَّه تارة يلحظ بالحمل الأوّلي فيكون معروضاً للحكم وأخرى بالحمل الشائع فلا يكون معروضاً ، فالفناء في الخارج ليس إِلاّ عبارة عن لبس نظارة الحمل الأوّلي في مقام جعل الحكم فيرى العنوان كأنَّه شيء في الخارج فإذا تعدد العنوان تعدد لا محالة خارجيتهما بهذا المعنى ولا ربط لذلك بالمعنون أو الوجود الخارجي أصلاً.