لتنقيح حكم العام ، نعم يمكن إجراءه لنفي حكم الخاصّ لو قيل به.
إِلاَّ انَّ المحقق الخراسانيّ ( قده ) على ما يبدو من قوله ( انَّ الباقي تحت العام بعد تخصيصه بالمنفصل أو كالاستثناء من المتصل لما كان غير معنون بعنوان خاص بل بكل عنوان لم يكن بعنوان الخاصّ كان إحراز المشتبه منه بالأصل الموضوعي في غالب الموارد إِلاَّ ما شذ ممكناً فبذلك يحكم عليه بحكم العام ) (١) يذهب إلى جريان البحث المذكور حتى على القول بعدم تعنون العام.
وكأنَّ نظره في هذا الكلام إلى دعوى : انَّ العام وإنْ لم يتعنون بنقيض عنوان الخاصّ إِلاَّ انه لما كان الدليل العام يثبت حكمه على الافراد بكل عنوان عدا العنوان الخارج بالمخصص أصبح كل عنوان من تلك العناوين مشمولاً له ، ففي المثال المتقدم كان العام دالاً على وجوب إكرام الفقير الأموي وغير الأموي والفقير القرشي والفقير الّذي لا يكون أموياً وهذا وإِنْ كان ملازماً مع الفقير غير الأموي إِلاَّ انه عنوان آخر غيره والّذي خرج بالمخصص هو الأول واما الأخير فباقٍ تحت العام وباستصحاب عدم الأموية بنحو العدم الأزلي يحرز هذا العنوان فيرتب عليه حكم العام لا محالة.
وهذا الكلام غير تام لوضوح انَّ العموم لا يعني جمع القيود والعناوين بحيث يكون كل عنوان من العناوين المنطبقة على الأفراد موضوعاً للحكم ، كيف ولو كان كذلك لزم تعدد الجعل وقد تقدّم انَّ الدليل العام لا يتكفّل إلاّ جعلاً واحداً.
بل العموم يعني عدم الاختصاص بعنوان واحد أو بافراد عنوان واحد فالعام كالمطلق من حيث انهما معاً رفض للقيود والعناوين وليس تجميعاً لها ، وبناء عليه فان أمكن إثبات حكم العام بالتمسك بأصالة العموم فهو وإِلاَّ فباستصحاب عدم عنوان الخاصّ لا يمكن إثبات حكم العام بناءً على عدم التعنون
وأيّا ما كان فلنرجع إلى مسألتنا الرئيسية فنقول :
انَّ الأقوال في جريان استصحاب العدم الأزلي ثلاثة كما عرفت ، ونبدأ فيما يلي باستعراض أدلة القول بعدم جريانه مطلقاً الّذي ذهب إليه المحقق النائيني ( قده ) مع
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ٣٤٦