اقتضاءان تحليليان ، وهذا كاشف عن عدم انحلال المبغوضية إلى مبغوضيّتين ضمنيّتين ، إِذ لو كان هناك بغض ضمني فإِنْ كان لا يقتضي شيئاً فهو خلف كونه مبغوضاً وإِنْ كان يقتضي إعدام ذلك الجزء كان معناه زيادة اقتضاء البغض الضمني على البغض الاستقلالي وانه لا بدَّ من إعدام الجميع وهو غير معقول أيضا ولو كان يقتضي إعدام المجموع فهو خلف كونه ضمنيّاً وهذا كلّه انَّما كان على أساس انَّ المجموع وجوده بوجود كلّ أجزائه بينما يكفي في عدمه عدم أحد أجزائه.
الثاني : انَّ البغض والحبّ انّما يتنافيان فيما إذا فرض تنافيهما في مقام الاقتضاء والتأثير فإذا كان بين مقتضاهما تناف ذاتي لا عرضي ـ كالتنافي العرضي في باب التزاحم ـ استحال اجتماعهما ، ولهذا لو افترضنا عالماً يمكن فيه تحقيق كلا النقيضين أمكن تعلّق الحبّ والبغض بشيء واحد فانَّ البغض ليس نقيضاً للحبّ بذاته ولا تضاد ذاتي فيما بينهما أيضا وانَّما التنافي بلحاظ متعلّقهما.
وعليه نقول : انَّه لا تنافي ذاتي بين مقتضى الحبّ الاستقلالي لشيء ومقتضى البغض الضمني لذلك الشيء لأنّ البغض الضمني لا يقتضي أكثر من إعدام المجموع لا الجميع وهو لا يتنافى مع مقتضي الحبّ الاستقلالي لذلك الجزء لعدم توقّف إعدام الجميع على إعدام ذلك الجزء.
وهكذا يتّضح : انَّه لا تنافي بين أَنْ تقع الصلاة مثلاً مركزاً للمحبوبية الاستقلالية ومركزاً للمبغوضية الضمنية فلا تنافي بلحاظ عالم المعروض بالذات.
وامّا بلحاظ عالم المعروض بالعرض فقد يُدعى انَّ تعلّق الأحكام بالعناوين انَّما هو بلحاظ حكايتها عن الخارج ومن الواضح انَّه بلحاظ الخارج لا يوجد إِلاّ شيء واحد فيستحيل أَنْ يكون هذا الوجود الواحد متعلّقاً للمحبوبيّة والمبغوضية الاستقلاليتين معاً.
وهذه الشبهة أيضا غير تامة لأنَّ الأحكام المتعلقة بالعناوين وإِنْ كانت متعلقة بها بما هي مرآة عن الخارج إِلاّ انَّ ذلك انَّما يكون بمقدار مرآتية ذلك العنوان المتعلق لا أكثر من ذلك ، ومن الواضح انَّ متعلّق الأمر انَّما هو الطبيعة التي يكون مرآة عن صرف وجود الطبيعة في الخارج وامَّا متعلّق النهي فهو الحصّة الخاصّة التي تكون مرآة