وبتعبير أدق وأشمل ، انَّ الإطلاق في الحكم يمكن أَنْ يراد به أَحد معان ثلاثة :

الأول : أَنْ يراد به كون المعلق مطلق حصص الحكم بنحو الاستغراق.

الثاني : أَنْ يراد به كون المعلق صرف وجوده الناقض للعدم الكلي والمنطبق على الوجود الأول.

الثالث : أَنْ يراد به الطبيعة بما هي هي من دون أخذ قيد معها ، أي لا يلحظ فناؤها في الوجودات الخارجية المتكثرة ولا في أول وجودها فانَّ كل ذلك شئون زائدة على ملاحظة ذات الطبيعة بما هي هي خارجية ولهذا قلنا مراراً انَّ ملاحظة كون الطبيعة ملحوظة بنحو صرف الوجود ـ كما في متعلق الوجوب ـ أو بنحو الاستغراق ـ كما في متعلق التحريم ـ انما يكون بنكتة زائدة على أصل الإطلاق ومقدمات الحكمة.

فإذا اتضحت هذه المعاني الثلاثة قلنا :

إِنْ أراد المحقق العراقي ( قده ) ، بالإطلاق في الحكم أي سنخ الحكم الّذي هو الركن الثاني لاقتناص المفهوم عنده وعند المشهور والّذي هو المبحوث عنه والمختلف فيه عند القائلين بالمفهوم والمنكرين له المعنى الأول من هذه المعاني أعني كون المعلق مطلق حصص الحكم فمن الواضح ان هذا المعنى كافٍ وحده لإثبات المفهوم بلا حاجة للركن الأول أصلا ، سواءً أُريد من الركن الأول استفادة عنوان العلّية الانحصارية للشرط أو الوصف أو أريد استفادة دخالتهما بخصوصهما في الحكم بمقتضى أصالة التطابق بين عالم الإثبات والثبوت الّذي به أثبتنا انتفاء شخص الحكم عند انتفاء القيد ، لأنَّ اللفظ سوف يكون بحسب مدلوله التصوري دالاً على انَّ تمام حصص الحكم تثبت عند ثبوت الموضوع المقيد وهذا لا يصدق الا مع انتفاء طبيعي الحكم بانتفاء القيد.

وإِنْ شئت قلت : انَّ انتفاء الطبيعي بهذا المعنى لا يكون محتاجاً حينئذٍ حتى إلى الظهور الّذي كنا نحتاجه في إثبات انتفاء الشخص وهو ظهور دخل القيد بخصوصه في

__________________

أحد امرين امّا قيام الشخص بموضوعين وهو محال أو قيامه بالجامع بين الواجد للقيد وفاقده وهذا خلاف ظهور حالي تصديقي مقتنص من ذكر المتكلم ، للقيد في مدلول كلامه ـ سواءً كان بنكتة كون الأصل في القيود الاحترازية ولغوية ذكرها مع عدم دخلها أو بأصالة التطابق بين المقامين ـ ومثل هذا لا يمكن إجرائه بلحاظ مرحلة المدلول التصديقي لطبيعي الحكم إذ لا يلزم من قيام أحد فرديه بموضوع وفرده الاخر بموضوع آخر قيام الواحد بالاثنين نعم قيامه بالجامع خلاف الظهور المتقدم.

۴۵۵۱