النقطة الثالثة : انَّ الجملة الوصفية وإِنْ كانت متضمنة بالدقة على نسبتين نسبة الحكم إلى الموضوع وهو الموصوف ونسبته إلى الوصف باعتبار انَّ ما هو طرف الإضافة الموصوف بما هو موصوف وهو ينحل عقلاً ودقة إلى ذات وصفة ، إِلاَّ انه بحسب النّظر العرفي ليس هناك إِلاَّ نسبة واحدة بين الحكم وموضوعه المقيد ، وقد قلنا انه لا يمكن إجراء الإطلاق في الحكم بلحاظ موضوعه لكونه مهملاً من ناحيته وهذا هو السر في عدم ثبوت المفهوم للوصف (٢).

وهذه النقاط الثلاث كلها موقع نظر وتأمل :

امّا الأولى : فلما تقدم من المناقشة فيها في بحث مفهوم الشرط ومحصله : انْ لا تسالم على استفادة الركن الأول من الجملة ولا تلازم بين استفادتهُ بلحاظ شخص الحكم واستفادته بلحاظ سنخ الحكم ، لأنَّ برهان تلك الاستفادة هو استحالة قيام الحكم الشخصي المبرز بالخطاب بموضوعين وقيامه بالجامع خلف أخذ القيد في مقام الإثبات المقتضي لدخله في مقام الثبوت بمقتضى أصالة التطابق بين مقام الإثبات والثبوت أي بين المدلول التصوري والتصديقي (٢).

__________________

(١) مقالات الأصول ، ج ١ ، ص ١٤٢ ـ ١٤٣

(٢) ان قلت : قد يكون المقصود انَّ كل شرط أو قيد يؤخذ في حكم يستفاد كونه علّة منحصرة في الحكم المحمول على ذلك الموضوع بنكتة ظهور المدلول التصوري للكلام في دخله فيه ومقتضى أصالة التطابق بين عالمي الإثبات والثبوت دخله ثبوتاً أيضاً فيما تدخل فيه إثباتا ، فلو كان الحكم المترتب على الموضوع هو السنخ لا الشخص يثبت المفهوم حينئذٍ فتمام النكتة للمفهوم ترتبط بالركن الثاني إثباتاً أو نفياً.

قلنا : معنى أصالة التطابق هو انَّ أطراف المدلول التصديقي الواحد والشخصي في كل خطاب ـ سواء كان هو قصد الاخبار أو الإنشاء ـ ثبوتا نفس ما أُخذ في ظاهر اللفظ إثباتاً ، وهذا يعني انَّ الجزء المقابل للمدلول التصديقي من ظاهر اللفظ وهو النسبة التامة في الجملة لا معنى لإجراء الإطلاق فيه لكونه جزئياً على كل حال وانما يجري الإطلاق في أطرافه ، وأصالة التطابق بين مقامي الإثبات والثبوت يثبت وحدة المقامين في أطراف هذا الوجود الشخصي إطلاقاً وتقييداً ، وحينئذٍ انتفاء شخص الحكم بانتفاء القيد واضح عقلا إذ لو لم ينتف بانتفائه يلزم اما قيام الحكم الشخصي بموضوعين وهو مستحيل أو قيامه بالجامع وهو خلاف أصالة التطابق بالمعنى المتقدم واما إذا كان المعلق طبيعي الحكم فطبيعي الحكم يكون مفهوماً لا محالة ولا يكون بإزائه المدلول التصديقي إذ ليس المدلول التصديقي إلا وجوداً شخصياً واحداً كما قلنا ، فلا معنى لإجراء أصالة التطابق بلحاظه حينئذٍ لإثبات كون طرفه هو القيد المأخوذ في مقام الإثبات. وإِنْ شئت قلت : انَّ استفادة انتفاء شخص الحكم بانتفاء القيد لم يكن بلحاظ المدلول التصوري للجملة إذ ليس فيها بحسب هذه المرحلة ما يدل على أكثر من ثبوت المحمول والحكم عند ثبوت الموضوع المقيد سواءً كان القيد دخيلاً واقعاً أم لا ولم يرد فيه عنوان العلّية الانحصارية أيضاً وانما نستفيد ذلك بالنظر إلي مرحلة المدلول التصديقي للجملة بدلالة تصديقية وذلك بأَنْ نقول : انَّ المدلول التصديقي الثابت وراء هذا الخطاب ينتفي شخصه بانتفاء القيد جزما ، إذ لو بقي كان لازمه

۴۵۵۱