فمن ناحية نحس وجداناً بثبوت المفهوم للجمل الشرطية التي يكون الجزاء فيها إنشائياً ولم يكن الشرط مقوما لموضوعه.

ومن ناحية ثانية نرى انَّ دلالتها على المفهوم ليست بنحو بحيث لو لم يكن لها المفهوم كان استعمال أداة الشرط في ذلك المورد مجازاً وبعناية كما أدرك ذلك الأصوليون أنفسهم.

ومن ناحية ثالثة لا بدَّ وأَنْ نلحظ بأنَّ دلالة الجملة الشرطية على المفهوم سنخ دلالة قابلة للتبعيض والتجزئة بمعنى انه إذا ثبت وجود علّة أخرى بدليل خارج غير الشرط المصرح به في الجملة الشرطية لا يلغو المفهوم بذلك رأساً بل يتبعض ويثبت المفهوم بلحاظ ما عدا العلّتين ولو فرض انَّ الانحصار في ذلك الشرط قد انتقض على كل حال.

ومن ناحية رابعة نرى بوجداننا العرفي انه لا مفهوم للجمل الشرطية التي يكون الجزاء فيها جملة خبرية ، كما إذا قيل ( إذا أكلتَ السمَّ مُتّ ) فانه لا يدل على عدم الموت إذا لم يأكل السم. فلا بدَّ من وضع تخريج نظري فني لدلالة الجملة الشرطية على المفهوم بنحو تفي بتفسير كل هذه الوجدانات الأربعة ، والظاهر انَّ المنكرين للمفهوم انما أنكروه لأنهم لم يستطيعوا التوفيق بين هذه الوجدانات فشككوا في أصل ثبوت مفهوم للجملة الشرطية.

وثمرة هذا البحث رغم انه بحث تفسيري وليس استدلالياً تظهر في نقطتين :

الأولى : انه إذا عجزنا عن وضع نظرية موحدة لتفسير هذه الوجدانات بمجموعها نكتشف انَّ بعضها خطأ وغير موضوعي لأنها متهافتة وغير قابلة للتنسيق.

الثانية : اننا من خلال هذا البحث النظريّ التفسيري سوف نكتشف جوهر الدلالة المبحوث عنها ومرتبتها وقيمتها الدلالية مما يساعدنا في تشخيص حكمها من حيث لزوم أخذها أو تأويلها في موارد التعارض بينها وبين غيرها من الدلالات ، تماما من قبيل ما أشرنا إليه في بحث دلالة الأمر على الوجوب والّذي قلنا فيه انه لا إشكال عند أحد في أصل الدلالة وانما لا بدَّ من البحث عن تحديد كنهها وجوهرها وهل انها بالوضع ـ كما يقول صاحب المعالم ـ أو بالإطلاق والقرينة العامة ـ كما يقول

۴۵۵۱