صاحب الكفاية ـ أو بحكم العقل ـ كما تقول مدرسة الميرزا ، ولكل من هذه الدلالات رتبتها وقيمتها الخاصة في مجال التعارض كما لا يخفى.

وامّا تفسير هذه الوجدانات في صياغة نظرية موحدة في المقام فيكون بالنحو التالي :

انَّ الجملة الشرطية تتضمن ثلاث دلالات مختلفة ينتج من مجموعها الدلالة على المفهوم بنحو لا يتهافت مع ما يقتضيه الوجدان من الخصائص المذكورة لهذه الجملة ، وتلك الدلالات على ما يلي :

١ ـ الدلالة الوضعيّة على الربط بين الجزاء والشرط بنحو النسبة التوقفية ولا نريد بالنسبة التوقفية الترتب العلّي الفلسفي ، بل لا نريد حتى اللزوم الفلسفي وانما معنى أوسع من كل ذلك وهو مطلق الالتصاق العرفي وعدم الانفكاك بين الجزاء والشرط ، ولو كان ذلك من جهة الصدفة والاتفاق وهذه دلالة ندّعي انها مأخوذة في مدلول أداة الشرط وضعاً بشهادة الانسباق والتبادر العرفي.

٢ ـ الدلالة الإطلاقية على انَّ المعلّق على الشرط انما هو طبيعي الحكم لا شخصه بالنحو المتقدم شرحه.

٣ ـ الإطلاق الأحوالي للنسبة التوقفية وانها ثابتة في جميع حالات الشرط وليست مخصوصة بحالة دون أخرى فقولنا ( أكرم زيداً إِنْ جاءك ) يتضمن إطلاقا أحوالياً دالاً على ثبوت توقف وجوب الإكرام على مجيء زيد في جميع الحالات في قبال ما إذا قيّد بحال صحته مثلا فقال ( أكرمه إذا جاءك ما دام صحيحاً ) (١).

__________________

(١) لا إشكال في ان الشرطية تختلف عن الجملة الوصفية من حيث ان النسبة الحكمية فيها ملحوظة بصورة مستقلة عن الشرط بمعنى ان الشرط لم يؤخذ قيداً في المرتبة السابقة لنفس النسبة الحكمية في طرف الجزاء ، وهذا بخلاف الوصف في الجملة الوصفية فلا يلحظ الحكم بصورة منفصلة عنه وهذه الخصيصة هي منشأ دعوى المفهوم للجملة الشرطية لأنها تفسح المجال لجريان الإطلاق في الحكم لإثبات ان المعلق طبيعي الحكم وسنخه لا الحكم المقيد بالشرط ، الا ان هذه النسبة بين الشرط والحكم لا بد من تحليلها وكشف حقيقتها ، فان كانت نسبة تامة توقفية أمكن إجراء الإطلاق وإثبات المفهوم وان كانت نسبة ذهنية حقيقتها تحديد فرض صدق الجزاء فلا مفهوم ، ونحن لا نستفيد أكثر من هذا المقدار وذلك. أولاً : ـ لأن معنى التوقف كالانحصار أجنبي عن مفاد الشرطية ولا يوجد دال عليه فيها ، وانما المتبادر منها مجرد الترتب والتقدير.

وثانياً ـ ما أشرنا إليه فيما سبق من لزوم بعض المفارقات التي لا يمكن الالتزام بها ، فان التوقف إذا كان مدلولاً كنسبة ناقصة تحليلية فلا يمكن استفادة المفهوم حينئذٍ وان كان مدلولاً تاماً وبإزائه المدلول التصديقي للجملة الشرطية لزمت محاذير تقدمت الإشارة إليها.

۴۵۵۱