وسوف يأتي تعليقنا على هذه الملاحظة وعلى أصل هذا التقريب بعد الانتهاء من التقريبات المشهورة.

التقريب الثاني : انَّ الجملة الشرطية وإِنْ لم تكن موضوعة للزوم العلّي الانحصاري بالخصوص لكنها تنصرف إليه باعتباره الفرد الأكمل والأجلى من افراد اللزوم ، وهذا التقريب كسابقه أيضا يثبت المفهوم على مستوى مرحلة المدلول التصوري للكلام.

وفيه : منع الصغرى والكبرى معاً ، إذ ليس اللزوم الانحصاري بأكمل أو بأشد استحكاماً في اللزوم من غير الانحصاري فانَّ وحدة العلّة أو تعددها لا تؤثر في درجة الإيجاد والاستلزام الموجودة بين العلّة ومعلولها وانما تختلف درجة حاجة المعلول إلى العلّة بوجود علّة أخرى أو عدمه وتوقفه عليها ، نعم لو استفيد من الشرطية النسبة التوقفية ثبت المفهوم حينئذ ولكنه غير موقوف حينئذ على إثبات العلّية الانحصارية للشرط كما تقدم.

كما أنَّ الانصراف لا يكون على أساس الأكملية أو أشدية بعض حصص المعنى ثبوتاً ولذلك لا تنصرف كلمة الإنسان إلى أكمل

أفراده ، وانما ينشأ الانصراف من مزيد علاقة وربط بين اللفظ وبعض حصص معناه لعوامل وأسباب خارج الوضع تجعل علاقته ببعض الحصص من المعنى الموضوع له أكثر وآكد من علاقته بالبعض الآخر ، وهذا راجع إلى المناسبات والاستعمالات الخارجية لا مجرد الأكملية الثبوتية.

التقريب الثالث : انَّ هناك فقرات لا بدَّ من إثباتها للتوصل إلى المفهوم في الجملة الشرطية.

الفقرة الأولى : الاستلزام بين الشرط والجزاء الفقرة الثانية : كون الاستلزام بينهما على أساس العلّية.

الفقرة الثالثة : كون العلّية انحصارية.

الفقرة الأولى من هذه الفقرات تثبت بالوضع في مرحلة المدلول التصوري للجملة الشرطية لأنها مدلول الهيئة الشرطية أو أداتها بعد أَنْ كان استعمالها في موارد الصدفة بعناية وتكلف وجدانا.

وامّا العلّية ـ الفقرة الثانية ـ والانحصارية ، ـ الفقرة الثالثة ـ فبثبتهما بالإطلاق ، وذلك

۴۵۵۱