بوجوب تحصيل الحجة على الحكم للعلم الإجمالي ، فمع الأخذ بذي المزية يعلم بحصول الحجة على الواقع ، اما من جهة انه حجة في نفسه لو ثبت الترجيح ثبوتا ، أو

__________________

هذا تمام الكلام في دوران الأمر بين التعيين والتخيير في باب الحجج والأدلة على الطريقية.

واما على السببية ، فقد عرفت رجوع التعارض إلى التزاحم ، وقد عرفت تحقيق الحال في دوران الأمر بين التعيين والتخيير في باب التزاحم في مباحث اجتماع الأمر والنهي ، فراجع.

ولكن الّذي ذكرناه هناك يرتبط بدوران الأمر بين التعيين والتخيير في المتزاحمين بناء على كون التزاحم هو التنافي بين الحكمين في مقام الامتثال مع وجود الإطلاق لكلا الحكمين ، بحيث يرجع التخيير إلى تقييد إطلاق كل منهما بترك امتثال الآخر. وبناء على ما نسب إلى الكفاية من كون التزاحم هو التنافي في المقتضيين مع عدم تكفل الدليلين للحكم الفعلي ، بحيث يكون الأمر بأحدهما المعين أو التخيير بينهما بحكم العقل من باب لزوم تحصيل الفرض الملزم.

واما بناء على كون التخيير بينهما بحكم الشارع ، بدعوى سقوط كلا الدليلين واستكشاف حكم شرعي آخر بالتخيير بينهما. فلم نتكلم فيه ، ولا بأس بتحقيقه بنحو الإجمال فنقول : ان مرجع دوران الأمر بين التعيين والتخيير على هذا المبنى إلى دوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحكم الشرعي في المسألة الفرعية.

وقد تقدم في مباحث الأقل والأكثر تحقيقه مفصلا.

وقد قربنا هناك الالتزام بالبراءة على جميع محتملات الوجوب التخييري.

لكن التحقيق انه لو التزمنا في حقيقة الوجوب التخييري انه سنخ وجوب وسط بين الوجوب التعييني والاستحباب. والتزمنا بأن الاختلاف بين الوجوب والاستحباب لا يرجع إلى الاختلاف في البعث والإرادة شدة وضعفا ، بل هما ينتزعان عقلا عن ترخيص المولى في الترك وعدمه ، لأن كل طلب يجب موافقته عقلا إذا لم يرخص المولى في الترك ـ كما عليه المحقق النائيني ـ كان المتعين فيما نحن فيه هو الاحتياط ، وذلك لأن مرجع الوجوب التخييري على هذا المبنى إلى الطلب الّذي حكم الشارع بالترخيص في عدم امتثاله إلى بدل ، فمن ملاحظة ذلك ينتزع العقل الوجوب التخييري للشيء في قبال التعييني المنتزع من الطلب مع عدم الترخيص في الترك مطلقا ، والاستحباب المنتزع عن الطلب مع الترخيص في الترك مطلقا ، فإذا تعلق الطلب بشيء وشك في التخيير بينه وبين غيره ، فمرجع ذلك إلى الشك في ترخيص الشارع في تركه إلى بدل وعدمه.

ومن الواضح ان العقل ـ على هذا المبنى ـ يحكم بلزوم الامتثال والإتيان بمتعلق الطلب ما لم يحرز الترخيص ، فمع عدم إحرازه يتعين موافقته وعدم جواز مخالفته ، فتدبر تعرف.

۴۵۶۱