الثاني دون الأول ، لعدم تحقق ملاكها مع الجهل بالحكم حال العمل كما تقدم.
مع ان ما ذكره من كونه من الشبهة الحكمية عجيب ، لأنه بعد تقليده تعين لديه المأمور به وانه مع السورة ـ مثلا ـ فالشك يرجع حينئذ إلى انه جاء بالمأمور به أو لا ، وهذا شك في الموضوع كما لا يخفى. نعم ، قبل التقليد كان جاهلا حكما ، إلا أنه في حال إجراء القاعدة بعد التقليد يرتفع جهله الحكمي ، فالشق المذكور من صور الشبهة الموضوعية.
وأما الشق الثاني ، فما ذكره من عدم انحلال العلم الإجمالي وتنجزه ، ان كان تمهيدا لبيان عدم جريان القاعدة ، فلا كلام فيه ، واما ان كان تتمة للاستدلال على عدم جريانها ، فلا يعرف له وجه ، لأن قاعدة الفراغ مؤمنة في صورة العلم التفصيليّ بالتكليف ، فضلا عن صورة العلم الإجمالي ، فلا فرق في الانحلال بين التقليد وعدمه.
الجهة الخامسة عشرة : هل يعتبر في جريان قاعدة الفراغ ان يكون الشك حادثا بعد العمل أو لا ، فتجري ولو كان الشك قد حدث في الأثناء؟
التحقيق : هو الأول.
أما على القول بان القاعدة أمارة ، فواضح : لأنه إذا فرض ان الشك كان في أثناء العمل فلا تتحقق أذكريته ، بل لا معنى لها ، إذ حاله قبل الفراغ كحاله بعد الفراغ لأنه شاك في الحالين.
وأما على القول بأنها أصل ، فلظهور الروايات في كون موضوع الإلغاء هو الشك المتعلق حدوثا بالعمل الماضي المفروغ عنه لا الشك الحادث قبل الفراغ المستمر إلى ما بعد الفراغ كما لا يخفى (١).
__________________
(١) وقد تعرض بعض الاعلام في هذا المبحث إلى فرع تقدم تحقيق الكلام فيه في أوائل الاستصحاب وهو ما إذا شك الإنسان قبل صلاته في الطهارة والحدث وكانت حالته السابقة هي الحدث فاستصحبه ثم غفل وصلى ، وبعد صلاته تنبه ، وحصل له الشك في صحة صلاته لاحتمال الطهارة واقعا.