الجهة الثانية عشرة : هل يختص جريان قاعدة الفراغ بصورة الشك في الغفلة والذّكر حال العمل أو يعم صورة ما إذا علم بالغفلة ولكنه احتمل الإتيان بالمشكوك من باب الاتفاق؟.
التزم المحقق النائيني (١) ، بالتعميم لعموم الأدلة. وخالفه السيد الخوئي (٢) ،
__________________
« فان لم تجدوا ماء » ، وإذا كان الشك فيما سماه الله سبحانه كان مشمولا لرواية زرارة الدالة على الاعتناء بالشك فيه.
وما ذكره حفظه الله تعالى لا يخلو عن كلام وذلك : لأن المستفاد من رواية زرارة إن كان الاعتناء بالشك في خصوص وجود الاجزاء غسلا أو مسحا بحيث كان قوله عليهالسلام فيها :
« مما سماه الله ... » قيدا توضيحيا ، لأن جميع الغسلات والمسحات مما ذكرت في الكتاب الكريم ، فلا نظر للرواية حينئذ إلى الشك في مثل الغسل بالماء أو من الأعلى أو غير ذلك مما يرتبط بصحة الجزء.
وإن كان المستفاد منها هو الاعتناء بالشك في كل ما يرتبط بالوضوء من اجزاء وشرائط بقول مطلق ، فيكون قوله عليهالسلام « مما سماه الله » قيدا احترازيا.
ومن الواضح ان مقتضاها حينئذ تخصيص قاعدة الفراغ أيضا فلا تشمل مورد الشك في أثناء الوضوء ، لكن لا يخفى ان التقييد بما سماه الله كما يستلزم طرح قاعدة الفراغ في اجزاء الوضوء في خصوص ما إذا رجع الشك فيه إلى الشك فيما سماه الله كذلك يستلزم تقييد إلغاء قاعدة التجاوز في خصوص ذلك المورد ، فالالتزام بعدم جريان قاعدة التجاوز في اجزاء الوضوء وشرائطه بقول مطلق ، وتخصيص عدم جريان قاعدة الفراغ بخصوص ما إذا رجع الشك إلى الشك فيما سماه الله ليس بصحيح. فما أفاده لا يخلو عن إشكال ، وبعبارة أوضح نقول : ان القدر المتيقن من الرواية هو نظرها إلى إلغاء قاعدة التجاوز في الوضوء بلا إشكال لدى الكل ، وعليه فيكون التقييد المزبور راجعا إلى تقييد إلغاء قاعدة التجاوز لا خصوص قاعدة الفراغ. فانتبه.
ثم أنك قد عرفت ان الرواية تختص بالشك في خصوص وجود الغسلات والمسحات ولا نظر لها إلى غير ذلك. وعليه فلا مانع من جريان قاعدة الفراغ في اجزاء الوضوء بقول مطلق. فتدبر.
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ٢ ـ ٤٨١ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٣ ـ ٣٠٦ ـ الطبعة الأولى.