__________________

الفحص عن المخصص عند إرادة العمل بالعامّ ، والمفروض إمكان تحصيل الدليل المخصص بواسطة الأخذ به.

ولكنه غير سديد ، لأن الثابت في بناء العقلاء إناطة العمل بالعامّ بالفحص عن المخصص المحتمل الوجود ، وانه مع التمكن من استكشافه لا يجوز العمل بالعامّ.

واما لزوم إيجاد المخصص ، فهذا مما لم يثبت من بنائهم وما نحن فيه كذلك ، لأن الأخذ بالدليل محقق لحجيته فيكون مخصصا ، وبدونه لا يكون حجة ، ولا دليل على لزوم إيجاد الحجة على التخصيص ، وانما الثابت هو لزوم الفحص عما هو حجة على التخصيص ، فانتبه.

واما الصورة الثانية ، فهي مما نلتزم فيها بلزوم الأخذ بأحد الدليلين لمن لا يريد الاحتياط ، بل يريد الاقتصار على بعض المحتملات ، إذ لا بد في تعيينه أحد المحتملات من استناده إلى حجة تستلزم انحلال العلم الإجمالي حكما ، فيلزمه الأخذ بأحد الدليلين.

ولكن لا يمكن الاستناد إلى هذا البيان في باب التقليد إذا دار امر المجتهدين بين التعيين والتخيير ، والحكم بلزوم تقليد محتمل التعيين ، كما لو كان أحدهما أورع واحتمل تعين تقليده ، وذلك بأن يقال ان المكلّف قبل تقليده يعلم إجمالا بثبوت تكاليف كثيرة ، فلا بد في الخروج عن عهدتها ـ مع عدم الاحتياط ـ من الاستناد في عمله إلى حجة ، فيلزمه الأخذ بفتوى أحد المجتهدين ، ويتعين عليه قول محتمل الترجيح للجزم بحجيته على تقدير الأخذ به بخلاف قول الآخر.

والسر في عدم صحة هذا القول ، هو : ان الدوران المزبور بين القولين انما هو في موارد الاختلاف. اما مع الاتفاق ، فلا تعارض كي يدور الأمر بينهما فيكون كل منهما حجة.

وبما ان موارد الاتفاق كثيرة بحد ينحل العلم الإجمالي بها ، ففي مورد الاختلاف لا يكون هناك علم إجمالي ، بل ليس إلاّ احتمال التكليف احتمالا بدويا ، فيكون المورد من موارد الصورة الثالثة.

وقد يدعي فيها عدم جريان البراءة للزوم الفحص عن الحجة ، ومع إمكان تحصيلها ـ كما في المقام بواسطة الأخذ بأحدهما ـ لا يمكن التمسك بالبراءة العقلية.

ولكن هذا الكلام ممنوع ، بأن اللازم هو الفحص عن الحجة المحتملة الوجود لا إيجاد الحجة ، وما نحن فيه من الثاني لا الأول ، كما عرفت في الصورة الأولى ، فما نحن فيه نظير وعظ الراوي الفاسق ليصير عادلا فيصير خبره حجة ، فانه مما لا يتوهم انه واجب من باب لزوم تحصيل الحجة. اذن فقبل الأخذ بأحدهما لا حجة شرعا على التكليف لعدم الجزم بالتعيين ، فيكون المورد من موارد قاعدة قبح العقاب بلا بيان.

۴۵۶۱