تعارض الاستصحابين (١)
ويقع الكلام بعد ذلك في تعارض الاستصحابين.
وقد ذكر الشيخ (٢) رحمهالله صورا متعددة للاستصحابين المتعارضين من كونهما موضوعيين أو حكميين أو مختلفين. ومن كونهما وجوديين أو عدميين أو مختلفين. وغير ذلك. إلا أن هذا الاختلاف لا أثر له في اختلاف حكم المتعارضين.
وانما الكلام يقع في صورتين هما الجامع بين هذه الصور المختلفة في محل الكلام ، وهما :
الأولى : ان يكون الشك في أحدهما مسببا عن الشك في الآخر ، كالشك في بقاء نجاسة الثوب المغسول بماء كان متيقن الطهارة ، فان الشك في بقاء نجاسة الثوب مسبب عن الشك في بقاء طهارة الماء.
الثانية : ان يكون الشك فيهما مسببا عن أمر غيرهما.
وأما تصور كون الشك في كل منهما مسببا عن الآخر ـ كما ينسب إلى المحقق النراقي ـ فهو باطل لما ستعرفه من ان السببية والمسببية تنشئان من كون أحد المشكوكين من أحكام الآخر ، وهذا يعني كون أحدهما موضوعا للآخر ، فيمتنع ان يكون كل من المشكوكين موضوعا للآخر ـ كما لا يخفى ـ وعليه ، فالكلام يقع في مقامين :
المقام الأول : في الشك السببي والشك المسببي.
وتحقيق الكلام فيه : انه مما لا إشكال فيه عند الاعلام تقدم الأصل السببي على الأصل المسببي ، وانما الإشكال في وجه التقديم من حكومة ، وورود وغيرهما ،
__________________
(١) لم أتوفق لحضور درس سيدنا الأستاذ ( حفظه الله ) في هذه المباحث لبعض الموانع ونظرا إلى طلبي منه تقريرها لي ، أجابني إلى ذلك. ولعل هذا التقرير يخالف تقريرات الآخرين نظرا لتبدل الرّأي. فلينتبه.
(٢) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٤٢٤ ـ الطبعة القديمة.