ثم انه لا يخفى ان الأصل المذكور غير ذي أثر عملي بالنسبة إلى الخبرين المتعارضين لأنهما مورد الاخبار العلاجية ، فهما خارجان عن الأصل كيف كان ، فلاحظ.
تذييل : هل الجمع مهما أمكن أولى بحيث انه مع إمكانه ولو بضرب من التأويل لا يرجع إلى الأصول الأولي ولا الأصل الثانوي ـ وهو مفاد الاخبار العلاجية ـ؟
وقع الكلام في ذلك ، وقد أطنب في الكلام عن هذه القاعدة بعض (١). وغاية ما يمكن الاستدلال به على هذه الدعوى وجهان :
الأول : ان دليل الاعتبار والحجية يتكفل لزوم العمل بالدليل الا في فرض لزوم محذور عقلي في العمل به ، فإذا أمكن العمل بنحو يرتفع المحذور العقلي كان مقتضى دليل الحجية لزوم العمل به.
وعليه ، فبما ان كلا من الدليلين موضوع للحجية ، فدليلها يتكفل لزوم العمل بهما بالمقدار الّذي لا يلزم منه المحذور العقلي ، فإذا أمكن تأويلهما بنحو يرتفع بينهما التنافي الظاهر المانع عن العمل بهما عقلا فهو المتعين ، لأنه مقتضى دليل الاعتبار.
الثاني : انه كما يرتكب التأويل في مقطوعي الصدور لرفع التنافي بينهما ، كذلك مقتضى دليل الحجية ذلك في مظنوني الصدور ، لأنه يتكفل الإلزام بمعاملتهما معاملة مقطوعي الصدور ، فيترتب عليهما آثار المقطوعين صدورا.
وقد أنكر الشيخ رحمهالله هذين الدليلين ، باعتبار اختلاف المورد الّذي نحن فيه عن مورد القاعدة بأدلتها المذكورة.
ببيان : ان الأمر فيما نحن فيه يدور بين الالتزام بدليل حجية الظهور والالتزام بدليل حجية السند. وذلك فان كلا من الخبرين موضوع لدليلين :
أحدهما : دليل حجية السند واعتباره.
__________________
(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٤٣٣ ـ الطبعة القديمة.