نهي من المولى ، وبهذا يكون مفادها أجنبيا عن البراءة بالكلية.
نعم ، لو لم يكن المراد بالورود هو الثبوت الواقعي ، بل الوصول كانت دليلا على البراءة ، ولكنه لم يؤخذ في الغاية إحراز النهي والوصول العلمي بل أخذ مطلق الوصول والورود وظاهره إرادة وصول الحكم الواقعي وثبوته في ذمة المكلف بأي طريق كان ، ومنه الاستصحاب ، فيكون واردا لأنه محقق للغاية تكوينا ، كما لا يخفى.
النحو الثالث : مثل : « كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام بعينه .. ». ودلالة هذه الرواية على البراءة مناقشة في ان ثبوت الحلية في المصاديق المذكورة في الموثقة انما هو بواسطة الأصول والأمارات الموضوعية السابقة بالرتبة على الاستصحاب والبراءة ، كأصالة الصحة وقاعدة اليد ، فيكون الحكم بالحلية حكما بمفاد تلك القواعد الظاهرية وفي مقام الأمر بعدم الاعتناء بالاحتمال الناشئ عن الوسواس ونحوه مع وجود القواعد ، لا حكما بمفاد أصالة البراءة كي يستكشف جعل البراءة في مثل هذه الموارد.
وأما أصالة الاشتغال ..
فالاستصحاب مقدم عليها ، لأن موردها الشك في براءة الذّمّة بملاك لزوم دفع الضرر المحتمل ، ومع قيام الاستصحاب على التعيين يزول احتمال الضرر لقيام الحجة الشرعية على تعيين أحد الافراد.
وهكذا الكلام بالنسبة إلى أصالة التخيير. فان حكم العقل بالتخيير في فرض التحير ، وبالاستصحاب يرتفع التحير.
وبالجملة : الاستصحاب وارد على الأصول العقلية من براءة واحتياط وتخيير ، لأنه رافع لموضوعها تكوينا ببركة التعبد الشرعي.