والمعارضة بين الأدلة انما هي باعتبار الكشف النوعيّ لكل منهما عن المراد الجدي المنافي للآخر بحيث لا يمكن الالتزام بكل منها ـ وإلاّ فمع الغض عنه لا تعارض بين الأدلة بلحاظ المستعمل فيه في كل منها ، إذ مع العلم بأنه لا مراد جديا على طبق المستعمل فيه والمقصود بالتفهيم لا يكون هناك تزاحم وتعارض بين الأدلة ـ

ولأجل ذلك تلاحظ النسبة في باب المعارضة بلحاظ مقدار الكشف النوعيّ للدليل عن المراد الجدي فمع تخصيص أحد الدليلين بالمخصص المنفصل تتضيق دائرة كشفه عن المراد الجدي ، إذ يعلم ان المراد الجدي أضيق مما يتوهم ، فيتضيق موضوع الحجية قهرا.

ومعه تنقلب النسبة بالضرورة ، إذ بعد فرض تضييق دائرة كشف العام عن المراد الجدي ، وكون الملحوظ في باب المعارضة هو كشف الدليلين عن المراد الجدي ، كانت نسبة العام المخصص إلى العام الآخر نسبة الخاصّ إلى العام ، لأن ما يلحظ في مقام المعارضة أخص فيه منه في العام الآخر.

ولا وجه لملاحظة مجموع مدلول العام بعد ان لم يكن كاشفا بمجموعه عن المراد الجدي.

وبالجملة : فموضوع أصالة الظهور هو الكشف عن المراد الجدي الواقعي ويثبت بها نفس المراد الجدي ومطابقته لظاهر الكلام ومدلوله الاستعمالي وبذلك تفترق عن أصالة الجهة ، فانها تجري في تعيين كون الكلام مسوقا لبيان المراد الواقعي ، وانه صادر عن الإرادة الحقيقية الجدية لا عن تقية أو امتحان أو نحوهما فأصالة الجهة تجري في إثبات الإرادة الجدية وأصالة الظهور تجري لإثبات المراد الجدي وما تعلقت به الإرادة الجدية بعد فرض ثبوتها وتحققها.

ومن هنا يظهر ما في كلام السيد الخوئي ـ كما في بعض تقريرات بحثه (١) ـ

__________________

(١) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٣ ـ ٣٨٧ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۶۱