تحقيقه. فقد أفاد قدس‌سره في الكفاية : بأن النسبة الملحوظة بين الأدلة المتعارضة انما هي بملاحظة ظهور الكلام في مدلوله ، ومع ورود المخصص المنفصل لا ينثلم ظهور العام في العموم كي يدعى انقلاب النسبة ، إذ المخصص المنفصل انما يقتضي تضييق المراد الجدي من العام مع بقاء العام على عمومه ، فتبقى نسبته مع غيره بعد التخصيص هي عينها التي كانت قبل ملاحظة المخصص.

وإلاّ لم يكن وجه لانعقاد ظهور له في الباقي دون غيره من المراتب ، لعدم الوضع وعدم القرينة المعينة ، وانعقاد الظهور في الباقي يتوقف على أحدهما كما لا يخفى (١).

وقد ذكر المحقق النائيني قدس‌سره وجها لتقريب انقلاب النسبة ، وتوضيحه : ان للكلام دلالات ثلاث :

دلالة تصورية ، وهي انتقال المعنى من اللفظ عند إبرازه وهي لا تتوقف على صدور اللفظ عن إرادة وقصد ، بل هي تحصل ولو لم يكن صدور اللفظ عن اختيار ، وهي نفس الدلالة الوضعيّة عند بعض.

ودلالة تصديقية ، وهي الحاصلة من ضم بعض اجزاء الكلام إلى بعض وملاحظة القرائن المحفوف بها الكلام فقد يكون دالا على غير المعنى الوضعي الأولي ، لوجود القرائن المغيرة لظهوره الأولي ، ويسند المجموع إلى المتكلم ويحكم بأنه قصد تفهيم هذا المعنى المستفاد من الكلام ، وهذه الدلالة تتوقف على صدور الكلام عن إرادة وقصد.

ودلالة ثالثة ، على كون المعنى المقصود تفهيمه هو المراد للمتكلم جدا وواقعا ، ويعبر عنها بالدلالة التصديقية في الكشف عن المراد الجدي. وموضوع الحجية هي القسم الثالث من الدلالات المذكورة ، فان الكشف النوعيّ للكلام عن المراد الجدي هو الّذي يكون موضوع الحجية والاعتبار عند العقلاء.

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية ـ ٤٥٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۴۵۶۱