من المسامحة والغفلة في عدّ أصالة الظهور وأصالة الجهة أصلا واحدا يختلف التعبير عنه ـ وهو يتضيق بعد ورود المخصص فتتضيق الحجية قهرا ، وتنقلب النسبة.
ولكن ما أفاده قدسسره ـ وان كان قد استوضحه بحيث جعل انقلاب النسبة بملاحظته من القضايا التي قياساتها معها ـ لا تمكن الموافقة عليه. وذلك لأن مراده ..
ان كان ان موضوع المعارضة هو الكشف عن المراد الجدي لأنه موضوع الحجية ، فمع تخصيص الدليل بالمنفصل تتضيق دائرة كشفه فتنقلب النسبة حينئذ.
ففيه :
أولا : ان الكشف الّذي يكون موضوع الحجية ليس هو الكشف الشخصي الفعلي الظني أو العلمي ، كي يكون قيام الدليل الآخر المنافي له رافعا له ، إذ لا يبقى معه علم أو ظن بثبوت المراد الجدي على طبق الكلام.
وانما هو الكشف النوعيّ الطبيعي الثابت مع الظن بالخلاف ، بل مع العلم به ـ وان لم يكن موضوع الحجية في هذا الحال ـ إذ معناه ان الدليل لو خلي ونفسه كاشف وموجب للظن بالمراد الجدي نوعا ، ولا يخفى اجتماع هذا المعنى مع الظن الشخصي بالخلاف.
وقيام الدليل المخصص لا يوجب تضييق دائرة كشفه النوعيّ كي تنقلب النسبة في مقام المعارضة ، بل يبقى الدليل على ما هو عليه من الكشف وان لم يكن حجة فيه.
وثانيا : ان الكشف النوعيّ ليس هو موضوع الحجية ، بل موضوعها امر آخر وهو الظهور ، بمعنى ان الدلالة الاستعمالية للكلام الظاهرة في المعنى هي التي تكون موضوع الحجية على المراد الجدي عند العقلاء ، نعم ، منشأ ذلك هو ما يقتضيه الظهور من الكشف النوعيّ عن المراد الجدي.
والدليل على ذلك ما هو المتداول على الألسنة والمرتكز في الأذهان من :