الأول : ان التعارض من حيث السند الّذي هو مورد أحكام التعارض انما يتحقق فيما كان الدليلان قطعيي الدلالة أو ظنييها ، ولكن لم يمكن التوفيق عرفا بين دلالتيهما ، فانه حينئذ يعلم بعدم شمول دليل الحجية لكل منهما ، لعدم إمكان الأخذ بهما معا اما مع كونهما ظني الدلالة وأمكن التوفيق بينهما عرفا بحيث يرتفع التنافي الظاهري البدوي ، فلا تعارض بينهما لإمكان شمول دليل الحجية لكل منهما بعد الجمع ورفع التنافي.
الثاني : ان الالتزام بالتساقط في مورد المعارضة انما هو لأجل عدم إمكان التخيير ، وإلاّ فمع إمكانه فلا وجه للالتزام به لأنه في الجملة جمع بين الدليلين فيرتفع التنافي.
وحينئذ فنقول : ان التخيير ..
تارة : يطلق ويراد به التخويل في الفعل والترك أو في أحد الفعلين وعدم الحرج والمانع من الأخذ بكل منهما ، وهو معنى الإباحة.
وأخرى : يطلق ويراد به الوجوب التخييري بمعنى لزوم أحدهما وعدم جواز تركهما معا ، بل لا بد من الأخذ بأحدهما. والتخيير الّذي هو محل الكلام هو التخيير بالمعنى الثاني لا الأول.
لأن التخيير بالمعنى الأول انما يكون بعد تساقط الدليلين والرجوع إلى الأصول ، ومحل الكلام ما كان قسيما للتساقط ومعترضا لوقوعه ، وهو المعنى الثاني منه. وهو ..
تارة : يكون في الحكم الفرعي ، فيكون تخييرا عمليا في المسألة الفرعية ، بمعنى وجوب الإتيان بأحد الفعلين ، كالتخيير بين خصال الكفارة.
وأخرى : يكون في المسألة الأصولية ، يعني في الدليل على الحكم ، فيكون بمعنى وجوب الأخذ بأحد الدليلين. وهو ..
تارة : يكون بين الدليلين على الحكم كالخبرين.