وأخرى : بين دليلهما المتكفل للتعبد بهما.

فهو يكون في مقامات ثلاثة.

ثم ان التخيير ثبوتا يتصور على أنحاء ثلاثة :

الأول : تعلق الأمر والوجوب بكل من الفردين مقيدا بترك الآخر.

الثاني : انه سنخ وجوب متعلق بكل من الفردين مشوب بجواز الترك ، كما يختاره صاحب الكفاية في ماهية الوجوب التخييري (١).

الثالث : انه وجوب أحدهما ، كما يختاره المحقق النائيني (٢).

والكلام في التخيير في المسألة الفرعية إثباتا انما يكون بناء على الالتزام بأن التخيير هو النحو الأول ، لا على الالتزام بأنه على النحوين الآخرين.

وذلك ، لأن الدليلين المتنافيين إما ان يكونا عامين من وجه بحيث يكون التنافي بحسب المجمع ، أو يكونا جزئيين دالين على وجوب شيئين.

فان كان عامين من وجه ، فالالتزام في موضع التنافي بوجوب أحدهما ، أو بوجوب كل منهما ، سنخ خاص يستلزم التفكيك في مدلول دليل واحد بالنسبة إلى افراده.

وان كانا جزئيين ، فظاهرهما الدلالة على وجوب كل منهما بخصوصه بالمعنى المعروف للوجوب ، فلا يتفق مع كون الواجب أحدهما أو مدلولهما الوجوب بنحو خاص منه ، لأنه طرح للدليلين لا جمع بينهما عرفا.

وبعد هذا فاعلم : انه قد يمكن التخيير في المسألة الفرعية ، كما لو دل أحد الدليلين على وجوب صلاة الظهر ، والآخر على وجوب صلاة الجمعة. أو دل أحدهما على وجوب شيء والآخر على حرمة شيء آخر. وعلم بعدم جعل كلا الحكمين بخصوصه بنحو الجمع ، فانه يمكن إلغاء خصوصية التعيين في كل من

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٤٠ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٨٢ ـ الطبعة الأولى.

۴۵۶۱