الفصل الثاني

في استيناف القول في معنى وجود الشيء بالقوّة

ووجوده بالفعل (١) وانقسام الوجود إليهما

إنّ ما بين أيدينا من الأنواع الجوهريّة يقبل أن يتغيّر فيصير غير ما كان أوّلا ، كالجوهر غير النامي يمكن أن يتبدّل إلى الجوهر النامي ، والجوهر النامي يمكن أن يتبدّل فيصير حيوانا ، وذلك مع تعيّن القابل (٢) والمقبول (٣). ولازم ذلك أن تكون بينهما (٤) نسبة موجودة ثابتة.

__________________

(١) والوجه في استيناف القول في معناهما أنّ ما ذكره في الفصل السابق هو البيان المشهور الموافق لما يذهب إليه القائلون بالكون والفساد من إنكار الحركة الجوهريّة. ولمّا كان المصنّف رحمه‌الله من القائلين بالحركة الجوهريّة فاستأنف القول في معناهما على وجه تثبت به الحركة الجوهريّة.

(٢) أي : المتبدّل.

(٣) أي : المتبدّل إليه.

(٤) أي : القابل والمقبول.

ولا يخفى عليك : أنّه يمكن أن يقال : إنّ منشأ تبدّل جوهر إلى جوهر آخر هو وجود الخصوصيّة في المتبدّل الّتي هو بها يصلح لأن يتبدّل إلى المتبدّل إليه ، فاتّصاف المتبدّل بتلك الخصوصيّة اتّصاف خارجيّ لازمه وجود تلك الخصوصيّة في المتبدّل قبل التبدّل.

وأمّا المتبدّل إليه قبل التبدّل فلا وجود له حتّى يتّصف بخصوصيّة خارجيّة ، وأمّا بعد وجوده فيتّصف بخصوصيّة اخرى بها يصلح أن يتبدّل إلى شيء آخر. فتلك الخصوصيّة قائمة ـ

۳۳۶۱