الفصل الثاني والعشرون
في العالم الماديّ
وهو العالم المحسوس أخسّ مراتب الوجود ، ويتميّز عن العالمين ـ عالم العقل وعالم المثال ـ بتعلّق الصور فيه ذاتا وفعلا ، أو فعلا بالمادّة وتوقّفها على الاستعداد.
فما للأنواع الّتي فيها (١) من الكمالات هي في أوّل الوجود بالقوّة ، ثمّ يخرج إلى الفعليّة بالتدريج ، وربّما عاقها من كمالها عائق ، فالعلل فيها (٢) متزاحمة متمانعة.
وقد عثرت الأبحاث العلميّة الطبيعيّة والرياضيّة إلى هذه الأيّام على شيء كثير من أجزاء هذا العالم والنسب الّتي بينها والنظام الجاري فيها. ولعلّ ما هو مجهول منها أكثر ممّا هو معلوم.
وقد تبيّن في الأبحاث السابقة (٣) أنّ عالم المادّة بما بين أجزائه من الارتباط والاتّصال واحد ، سيّال في ذاته ، متحرّك في جوهره ويشايعه في ذلك الأعراض. والغاية الّتي تنتهي إليها هذه الحركة العامّة هي التجرّد ، على ما تقدّمت الإشارة إليه في مرحلة القوّة والفعل (٤).
__________________
(١ و ٢) وفي النسخ : «فيه» والصحيح ما أثبتناه.
(٣) راجع الفصل الثالث من المرحلة الحادية عشرة ، والفصل الثامن من المرحلة التاسعة.
(٤) راجع الفصل الخامس من المرحلة التاسعة.