الفصل السادس

في الحدوث والقدم الذاتيّين

الحدوث الذاتيّ كون وجود الشيء مسبوقا بالعدم المتقرّر في مرتبة ذاته (١) والقدم الذاتيّ خلافه (٢).

قالوا (٣) : «إنّ كلّ ذي ماهيّة فإنّه حادث ذاتا». واحتجّوا عليه (٤) بأنّ كلّ ممكن فإنّه يستحقّ العدم لذاته ويستحقّ الوجود من غيره ، وما بالذات أقدم ممّا بالغير ، فهو مسبوق الوجود بالعدم لذاته.

واعترض عليه (٥) بأنّ الممكن لو اقتضى لذاته العدم كان ممتنعا ، بل هو لإمكانه لا يصدق عليه في ذاته أنّه موجود ، ولا أنّه معدوم. فكما يستحقّ الوجود عن علّة خارجة كذلك يستحقّ العدم عن علّة خارجة ، فليس شيء من الوجود

__________________

(١) كجميع الموجودات الممكنة الّتي لها الوجود بعلّة خارجة من ذاتها ، وليس لها في ماهيّتها إلّا العدم.

(٢) فهو عدم مسبوقيّة الشيء بالعدم في حدّ ذاته ، كالوجود الواجبيّ الّذي ماهيّته إنّيّته.

(٣) أي الحكماء.

(٤) راجع المباحث المشرقيّة ١ : ١٣٤ ، والأسفار ٣ : ٢٤٦.

(٥) هذا الاعتراض ممّا خطر ببال الفخر الرازيّ ، فذكره في المباحث المشرقيّة ١ : ١٣٤. وتعرّض له أيضا صدر المتألّهين في الأسفار ٣ : ٢٤٧.

۳۳۶۱